تختتم قمة قادة دول مجلس التعاون الثانية والثلاثون اليوم، التي حظيت بمتابعة وترقب للقرارات من المواطنين العرب والدوائر السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية؛ أولاً لأهمية الدول التي يشارك قادتها في القمة، وثانياً للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة العربية، التي تعيش ربيعاً عربياً يكاد ينحرف إلى فوضى عربية، وثالثاً لأن العالم يعيش مشاكل اقتصادية بسبب أزمة الديون السيادية الأوروبية وحاجة المنظومات الدولية إلى إسهامات مالية تُبقي الاقتصاد الدولي متماسكاً؛ ولهذا فإن الدوائر الاقتصادية الدولية تتطلع إلى إسهام مجلس التعاون في تخفيف الضغط على الاقتصاد الدولي عبر إسهامات الصناديق السيادية الخليجية.
وكون المنطقة العربية تشهد مخاضاً وحراكاً، يتمثل في الربيع العربي، الذي يكاد يتحول إلى فوضى وتخريب للاستقرار والأمن في كثير من الدول العربية، التي يتأثر أمن دول الخليج العربية بأمنها، والتي تشهد اضطرابات الربيع العربي، فإن تعامل القمة مع هذه المتغيرات سيكون موضع ترقب في الدوائر السياسية، كما تنتظر كيفية تعامل القمة الخليجية مع التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، وبخاصة في الخليج، التي أصبحت لا تُطاق.
كما تنتظر تلك الدوائر كيف يتعامل الخليجيون مع الوضع الجديد في العراق بعد خروج القوات الأمريكية، وظهور إرهاصات ببدء صراع بين أطراف العملية السياسية من القادة العراقيين. هذا، إضافة إلى معالجة الوضع في اليمن وسوريا.
ازدحام ملف القضايا الأمنية والسياسية بقمة الرياض لن يشغلها عن معالجة ملف القضايا الاقتصادية، خاصة ذات العلاقة بتعزيز وتقوية مسيرة التعاون، وتفعيل الاتفاقيات والقرارات الهادفة إلى البدء في تفعيل الروابط الاقتصادية والتجارية والتعليمية والاجتماعية. كما أن أمام القادة مهمة ذات علاقة بأمن واستقرار دول المجلس بعد تزايد التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية، وهي وضع استراتيجية وقائية دفاعية وأمنية، تحصن دول المجلس من اعتداء أو اختراق لشؤونها الداخلية، سواء من إيران أو أي جهات أخرى تحاول أن تمد نفوذها إلى إقليم الخليج. حزمة كبيرة من المواضيع التي وإن نوقشت وبُحثت من خلال اللجان الوزارية المتخصصة إلا أن اتخاذ القرار السياسي والحاسم فيها من قِبل القادة سيُضفي على تلك القرارات أهمية متعاظمة، ويضمن تنفيذها؛ ما يؤكد قدرة دول مجلس التعاون على التعامل الجاد مع ما يواجه دوله والمنطقة من أخطار وأزمات.