تعرض المجتمع الجامعي السعودي قبل حوالي (4) سنوات إلى صدمة عندما أعلنت عدد من التصنيفات العالمية عن نتائجها واتضح أن المملكة تقبع في ذيل سلم تصنيفات الجامعات العالمية. واليوم تعلن مجلة ساينس الأمريكية عن الشك في ترتيب ثلاث من الجامعات السعودية العريقة: الملك عبدالعزيز, والملك سعود, والملك فهد. وحصولها على أرقام متقدمة في التصنيف العالمي قريبة من أفضل (500) جامعة في العالم، وتعتبر النقلة من الآلاف إلى المئات تم عبر رشوة وتزوير بعض الباحثين الحاصلين على جائزة نوبل وأساتذة جامعات هم علماء في مجال تخصصاتهم وينتمون إلى جامعات أمريكية وأوروبية مرموقة... لكن قبل الدخول في مضمون تقرير مجلة الساينس الأمريكية أود الإشارة إلى التصنيف العالمي للجامعات، فقد كنت قبل أيام ضمن وفد جامعة شقراء الذي قام بزيارة لليابان ووفود أخرى قامت بها الجامعة بزيارة لجامعات: الصين وأوروبا, وأمريكا. من أجل الاطلاع على نظام وبرامج التعليم في الجامعات العالمية، فكان الملفت في جامعة طوكيو أثناء استماعنا إلى محاضرة أستاذ جامعي في إدارة الجامعة عن التعليم الجامعي في اليابان تركيزه على التصنيف العالمي، ووزع علينا ورقة لمحاضرة تتضمن التعريف بالجامعة وتصنيفها العالمي بين الجامعات، وأشار إلى أن تصنيف جامعة طوكيو(8) وأنهم في الجامعة جادون في تحسين مركزهم بين جامعات العالم. كما أشار أستاذ جامعي آخر في مجال الاقتصاد إلى أنه غير متفائل وأن اليابان ستمر بكارثة اقتصادية وعلمية واجتماعية إذا استمرت على هذا الحال دون أن تخرج من دائرتها، وذكر من الحلول الانفتاح على الجامعات العالمية والتعاون المشترك في الأبحاث، وابتعاث جيل من الطلاب لجامعات الغرب وأمريكا ودول العالم الأخرى والانفتاح التجاري لتنويع الاقتصاد من خلال الشركات ورجال الأعمال... إذن التصنيف العالمي للجامعات مهما اختلفنا في قبوله أو رفضه هو رقم إحصائي ضروري لتحديد موقع الدول في التعليم الجامعي وجودة التعليم، بل يجب إضافة تصنيفات أخرى هي تصنيف الجامعات المحلية السعودية من خلال تطبيقها معايير الاعتماد الأكاديمي ومطابقتها معايير التعليم العالي بالسعودية، وكذلك التصنيف النوعي والأكاديمي للجامعات مثل تصنيف الجامعات إلى: تعليمية (تدريس) وبحثية, ومهنية، تخصصية. فهناك تخصصات إستراتيجية للدولة مثل: الطب، والهندسة, والقانون، والشريعة. لابد أن تخضع لإشراف ومتابعة أكاديية من جهات في التعليم العالي أو جهات محايدة ومستقلة مرتبطة بمؤسسات عالمية تتأكد من مدى تطبيق المعايير الأكاديمية العالمية...
تقرير مجلة ساينس الأمريكية ليس كله شراً، وإن كانت جامعة الملك سعود التي تعرضت للنقد السلبي نتيجة سلوكها كما يقول التقرير في الارتقاء السريع لتحسين مركزها العلمي, وتعجلها في استقطاب الباحثين لتحسين سجلها البحثي. لكن يحسب لها مبادرتها في نشر التقرير بترجمته العربية على موقعها الإلكتروني في صحيفة الجامعة (رسالة الجامعة) كما وصلني بلغته الأصلية وترجمته، وهذا يساعد على فهم ملاحظات المجلة وكاتب التقرير الذي حرص على ذكر الأساتذة الباحثين الذين تعاونوا مع الجامعات السعودية أو من رفضوا التعاون والتعرف على آرائهم ومنطلقاتهم وقانونية تعاونهم... والتقرير يشير إلى منهجية عمل سلبية يعتقد البعض أنه غير مقبول أكاديمياً، في حين هناك تبريرات أخرى ترى مشروعيته. هذه المنهجية والسلوك العلمي الذي أثير حوله النقاش نتمنى من إدارات الجامعات والباحثين توضيح هذا الرأي مع الأخذ بالاعتبار أننا في زمن أكاديمي جديد ومتغير، فنحن في ثقافة جامعية حديثة لها معاييرها ومتغيراتها. ولابد أن نعترف بالصراع الفكري والمعرفي والمنهجي بين الجامعات والباحثين داخل الجامعة الواحدة، وصراع المؤسسات التعليمية فيما بينها. كما أن التصنيف لا يعني تفوق الجامعات في كل العلوم والدراسات وإنما رقم إحصائي يوضح مدى تطبيق المعايير وعناصر الجودة.
a4536161@hotmail.com