إذا كنا نطالب هيئة مكافحة الفساد بشيء، فإننا سنطالبها بالدخول لساحة العمل بقوة وجرأة وشجاعة. نريد أن يكون إنجازها الأول إنجازاً مُزلزِلاً، لكي ترتعد فرائص كل الفاسدين. لا نريد من الهيئة أن تبدأ مشوارها بتوجيه خطابات وظيفية باردة إلى المسؤولين الحكوميين أو مسؤولي القطاع الخاص، تتوسل منهم المعلومات والبيانات، وتقبلوا معاليكم أو سعادتكم فائق تحياتنا!! لا يا سادة، نريد أن نرى الفاسدين خلف القضبان بأسرع وقت ممكن، نريد أن نعفيهم من مسؤولياتهم وأن ننشر كل الحقائق عما ارتكبوه. هذه هي أبسط حقوقنا كمجتمعٍ، دفع ضريبة باهظة للفساد والمفسدين.
هيئة مكافحة الفساد لا تجهل أن فساد أية مؤسسة، ينعكس سلباً على العاملين فيها وعلى المستفيدين من خدماتها، ومن المنطقي أن نعوض هؤلاء الناس، بعد الإيقاع بمن ارتكب الجرائم المالية والإدارية في قطاعاتها. والتعويض الحقيقي، هو فضح المجرمين واسترداد الأموال المنهوبة منهم، ثم توظيفها في تطوير المؤسسة.
هل أنا أطالب الهيئة بالرجوع للماضي، ونبش أوراق الفساد القديمة؟! أجل، فلا يكفي أن نبدأ في الحاضر والمستقبل، بل علينا أن نعري الفاسدين الذين سرقوا ونهبوا وخربوا المؤسسات إن وجدوا، وهربوا بأفعالهم إلى نعيم القصور والأرصدة والعقارات والأسهم والأرصدة الخيالية إذا ما تبين صحة ذلك!