بين إعفاء وزير الخدمة المدنية الأستاذ محمد الفايز وتعيين وزير جديد، هو الدكتور عبدالرحمن البراك، تقفز قضية تعيين خريجي الدبلومات الصحية إلى أعلى سلم الترتيب في جدول أولويات الوزير الجديد، وهي القضية التي ظلت لسنوات تراوح مكانها بين أدراج مكاتب مسؤولي وزارة الخدمة تارة وأسطح المكاتب العتيقة في الوزارة ذاتها تارة أخرى دون أن تحظى بالاستيعاب الفكري الشامل لتفاصيلها وخلفياتها، وحاجات الوطن لكفاءات شابة خلاقة تملك رصيداً علمياً ومهنياً وقدرات تتوق بها لخدمة وطنها، ولم تبادر الوزارة في ذلك الحين لدراسة قطاع العمل الحكومي، وتحديد الأعداد الفعلية من العاملين غير السعوديين ونوعية مؤهلاتهم وخبراتهم وتخصصاتهم ومدى الحاجة إلى بقائهم، ودراسة إمكانية إحداث وظائف جديدة تستوعب جميع الخريجين رغم صدور الأمر الملكي الكريم في 2-7-1432هـ القاضي بتوظيف جميع الخريجين المجتازين اختبار هيئة التخصصات الطبية السعودية، وفي مدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر. كل ما فعلته وزارة الخدمة آنذاك تصريف الخريجين بتسويفات ووعود لا تحمل الآمال بالحلول القريبة، وعمدت إلى عقد بضعة اجتماعات مع وزارة الصحة، تمخضت عن وضع آلية تقتضي تقسيم الخريجين بين القطاعين الحكومي والخاص، وهو تقسيم يرفضه خريجو الدبلومات الصحية، ويرون أن فيه تفرقة غير مبررة وظلماً واضحاً وإجحافاً ونسفاً لتعب السنين وحلاً أعوج غير متكافئ مع ما أنفقوه من أموال ولا مع ما أهدروه من وقت وهم عاطلون عن العمل لسنوات طويلة أملاً بالوظيفة، وهم الذين مكثوا خلف مقاعد الدراسة سنوات يحلمون بيوم التخرج لخدمة بلادهم وتأسيس ذواتهم بوصفهم مواطنين صالحين يشعرون كغيرهم من أبناء البلد بحقهم المسلَّم به لهم بالوظيفة المناسبة التي تحميهم من الضياع والتسكع على رصيف البطالة. ومع قدوم وزير الخدمة المدنية معالي الدكتور عبدالرحمن البراك تبرز القضية نفسها بملفها الضخم المتورم بانتظار الحل العاجل؛ لأن التأخير يعني المزيد من التضخم مع إضافة أعداد جديدة من الخريجين، وهو ما يعني تعقُّد الأمور واستحالة الحل ودخول أطراف جديدة وبروز متغيرات لم يكن لها وجود. الملف القضية ذاته الذي أحدث بركاناً هائلاً داخل الوزارة سيجده الوزير بتفاصليه كافة، بمعلوماته وإحصاءاته، والأهم أعداد غير السعوديين الذين يعملون في القطاع الصحي، المقدر عددهم بثلاثة عشر ألفاً وبنسبة 80 % من العاملين في المستشفياوالمستوصفات والمراكز الصحية، وهؤلاء الأجانب بحاجة إلى مَنْ يدقق في مؤهلات بعضهم، ويراجع ما يقترفه بعضهم من أخطاء طبية فادحة راح ضحيتها المئات من المواطنين والمقيمين قبل أن يتخذ قراراً منتظراً بالاستغناء عن خدماتهم وإحلال السعوديين بدلاً منهم. الخريجون المنتظرون منذ سنوات يحملون مؤهلات أجزم بأن حاجة البلاد إليها قائمة، وفي تخصصات معظمها نادرة في مجالات الأشعة التشخيصية والصيدلة والتمريض والمختبرات الطبية والسجلات والبصريات وطب الطوارئ، ومساعد دكتور أسنان؛ إذ تحتاج المملكة - حسب تقارير جمعية حقوق الإنسان - خلال العشرين سنة القادمة إلى أكثر من 900 ألف وظيفة في القطاعات الصحية لمقابلة التوسع المنتظر وتسديد الاحتياج، وعدد الخريجين المجتازين حالياً 28 ألف خريج، والوظائف الشاغرة 14 ألف وظيفة. أمام هذه الأرقام وأرقام تنبؤية أخرى تقع على عاتق معالي الدكتور البراك مسؤولية مضاعفة لحسم هذا الملف وحل المشكلة العالقة؛ لتكون بداية قوية لتصحيح الواقع الوظيفي الحالي في ضوء الأوامر الملكية الكريمة.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15