لي عنها فترة من الزمن طويلة...
كبرت فيها أحلامها وحلقت بأجنحتها في أماكن، كنت أعلم أنها مدار أمانيها، منذ عهد بعيد..
غير أن أطفالها الذين كانوا، ينبتون بين عينيها، يستولون على كل وقتها، واهتمامها.. حينذاك..
غير أنني توسمت أنها ستحلق، وستأوي لركن أحلامها، وتحوله لبستان كبير، يعشوشب بزروع تبذرها،
وتسقيها، وتنميها..
جلست إلي في هدوء.. طمأنتني عن أبنائها فقد كبروا..
ابنها الأكبر يدرس في الجامعة، وقد انسلخ من تخيلاته وهو صغير، لم يندرج في ناد رياضي ليكون بطلا مشهورا... بل غدا نجيبا في دراسته الهندسة..، وغدا تقول : «سوف يخطط لي بيتي الصغير الذي سأنتقل فيه بعد أن يغادرونا كلهم«...
أما ابنتها التي كانت تحلم بأن تغدو مصممة أزياء، فقد انضمت لسلك العلوم الإدارية، تدرس بجد، واجتهاد، لتصبح مديرة أعمال، تطمح أن تتسع بأحلامها الأرض..
الصغرى تقول، اختصت في الدراسات النفسية، لأنها متأكدة بأن إنسان القادم من مرحلة الحروب هذه، والثورات، والصراعات الاقتصادية، حتما سيأتي للحياة العملية ليمارسها بنفسية تعتمل برواسب هذه المرحلة، فهي ترى أن المجال الأجدى، هو في التخصص العلمي في مجالات النفس..
بينما هي تبتسم وهي تقول: في القرآن، ودراسته، والتدبر في آياته، وحفظه، وتفسيره، وتجويده، وجدت ضالتي، سكينتي وراحتي، وعنفوان نشاطي..
كلهن حيث أتدبر القرآن، تقول يعملن من الثامنة صباحا متطوعات، لما قبل صلاة الظهر بقليل، يعدن لبيوتهن، هؤلاء المتطوعات، ممن ليس لديهن وظائف رسمية، يجتهدن ابتغاء الأنس بذكر الله... فيما تقوم مكانهن بالتدريس بعد العصر، من يعملن خلال النهار..
تزيد: ليت من يعلم كم في تدبر القرآن من أثر..،
في الوقت زيادة في بركته...، في العقل مزيدا من وعيه...، في الروح عميقا من اطمئنانها...،
وفي النفس ثقة بالله أكثر..
هذا الذي كنت أعلم أنه كان مدار أفكارها، وأحلامها..
قالت: عندما كبر أبنائي، كبرت رغبتي، زاد حلمي تمردا في صدري..
ذهبت هناك، ووجدتني في سعادة لا مثيل لها..
هي الآن تضع كل ما عرفته، وتدبرته، ولا تزال تتعلمه وتتدبر فيه من كتاب الله، في متصفح لها، في شبكة الاتصالات الوسيعة...
نموذج مميز، وصادق من النساء هي..
ثبتها الله.. وزادها من النعيم هذا...،
قبولا، وفتوحا، وإشراقا..
ووفقنا جميعنا للاحتذاء..