أثمرت السياسة الحكيمة في الاستثمار في الإنسان السعودي لإنتاج مواطن متعلِّم متسلِّح بالعلم والخبرة والكفاءة، في رفد الدولة بكفاءات شابة ممّن سيخدمون وطنهم بما وصلوا إليه من مستوى علمي وفكري متقدِّم، فقد ضخَّ خادم الحرمين الشريفين بمجموعة شابة متخصّصة ذات مستوى متقدِّم من العلم والخبرة والكفاءة، فالوزراء الأربعة الجدد الذين سيديرون وزارات مهمّة ذات علاقة مباشرة بالمواطن وبالتنمية والمفاصل الاقتصادية، ومحافظا النّقد والتحلية، يجمعهم جميعاً عامل مشترك هو التميُّز العلمي والخبرات المهنية العالية، كونهم جميعاً من الشباب الناضج، وذلك مما لا شك سيضيف زخماً تراكمياً لمجلس الوزراء ومؤسسات الدولة الأخرى، فالدماء الشابة المعزّزة بالعلم والمصقلة بالخبرة التراكمية، ستدعم - بلا شك - حكمة الموجودين في مجلس الوزراء العمود الرئيسي للدولة والمحرِّك الأساسي لفاعليتها. كما أنّ هؤلاء الوزراء الجدد الذين يُصنَّفون «كتونقراط» كونهم يجمعون بين العلم المتخصِّص، والخبرات التي حصلوا عليها لإدارتهم لمؤسسات مهمة، لابد أن يساهموا في تحقيق نقلة نوعية، خاصة في القطاعات الاقتصادية والتنموية التي تواجه تحديات العصر، ليس في المملكة فحسب بل في العالم.
إنّ وزارات الاقتصاد والتخطيط والتجارة والصناعة والخدمة المدنية والحج، جميعها ذات طابع تنموي واقتصادي، وحتى وزارة الحج لها علاقة بالمسار التنموي وبالتحديد التنمية المستدامة، لأنّ هذه الوزارة لا يقتصر دورها على تنظيم وسير أداء الشعيرة المقدَّسة، بل إدارة كل الجوانب التنموية والإيوائية والتخطيط لمستقبل المشاعر المقدَّسة، من حيث التوسُّع والتعامل مع الزيادات المرتقبة لضيوف الرحمن من الحجّاج والمعتمرين.
أمّا الاقتصاد والتخطيط التي أُسندت لأستاذ متخصِّص في الاقتصاد والتخطيط والعلوم المالية، والذي كان إحدى الخبرات الدولية التي استفاد منها صندوق النقد الدولي، فإنّ أمامه مهام مهمة جداً لتفعيل الاقتصاد السعودي والتخطيط السليم، لمواصلة التنمية المستدامة والارتقاء بالاقتصاد السعودي إلى مصاف الدول المتقدمة، وتحصينه من المطبّات والعقبات التي سقطت فيها بعض الدول.
في حين تظلُّ وزارة التجارة والاقتصاد، بشقَّيها المعيشي والتصنيعي، ذات ارتباط مباشر بالمواطن، فالمملكة ومن أجل تنويع مصادر الدخل، أمامها خيار التصنيع الذي نجح في تحقيق إسهام فاعِل في الاقتصاد الوطني، والوزير الجديد رجل متخصصٌّ في هذا المجال، وله باع طويل في التعامل مع الإنجازات الصناعية في المملكة، وأمامه تحدٍّ في ضبط أسعار السلع، من خلال وضع صيغة تكاملية وعادلة بين التكاليف وهامش الربح الذي يحققه التجار، وهي مهمة ليست سهلة، وذات علاقة مباشرة بالمواطن.
تبقى وزارة الخدمة المدنية التي تكتسب أهمية خاصة في هذه المرحلة، التي تسعى فيها الدولة إلى استيعاب الشباب خريجي الجامعات والمبتعثين العائدين بعد النجاح من الخارج، محمَّلين بالشهادات العليا، متطلّعين لخدمة وطنهم، ومهمة إحلالهم في مواقع المتعاقدين من الإخوة الوافدين، عملية ضرورية تحتاج إلى جهد خاص من الوزير الشاب الذي لم يختار، إلاّ لأنه صاحب خبرة في هذا المجال لتخصُّصه في علم الإدارة العامة.
وفي العموم فإنّ أمام هؤلاء الوزراء مهام مهمّة لكنها ليست مستحيلة ولا صعبة، مقابل همّة الشباب المتسلّح بالعلم والمعرفة، والدعم غير المحدود المقدَّم لهم من قائد مسيرة التنمية والإصلاح خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.