هل يُعقل أن في السعودية أربعة ملايين عانس، أي أن عدد البنات المتأخرات لدينا عن الزواج يعادل مجموع سكان قطر والبحرين والإمارات، ومن بينهن مليون ونصف المليون فتاة تجاوزت سن الثلاثين دون زواج، بل يقول المؤشر إننا الدولة الأعلى خليجياً في حالات الطلاق، ولا يخفى عليكم أرقام معدلات البطالة، التي تتضاعف لدى النساء، ولعل في (حافز) خير دليل، بل لعل صراع النساء في البنوك وهن يحلمن بفتح حساب بنكي رصيده صفر، فقط تقديراً لعيون الشيخ (حافز)، الذي يجلس واضعاً ساقاً فوق الأخرى، ويدير بين أصابعه مسبحة الشروط العجيبة، لدفع ذلك المبلغ الأسطوري وقدره ألفا ريال، سؤالي البسيط، إذا كان عدد من هن فوق الثلاثين يبلغ مليوناً ونصف المليون فتاة، فهل نصفهن مثلاً ممن هن فوق 35 سنة؟ بمعنى أنهن خارج موافقة برنامج حافز؟
ماذا سيكون مصيرهن إذن، وهن بلا دراسة، حيث الطبيعي أنهن قد أنهين دراستهن الجامعية، وهن بلا وظيفة، لأن بطالة النساء لدينا تشارف الـ 40%، وهن بلا زواج أيضاً وبلا أسرة، بسبب تزايد أرقام العوانس في المملكة، ماذا تفعل - في نظركم - امرأة تجاوزت الثلاثين وهي بلا دراسة ولا عمل ولا زواج، أسألكم بالله ماذا ستفعل؟
كثير من القراء يعتقدون بأنني متشائم، لكنني أمام ما يحدث أشعر أن الواقع أكثر تشاؤماً منِّي، فما يحدث يقول بأننا نسير نحو الكارثة، وإذا لم يتم تجديد دماء وزارات الدولة ومؤسساتها، تلك الجهات المسؤولة عن أموال الدولة ومواردها وتعليمها وصحتها، فإن الأمور ستزداد سوءاً، ونكتشف أننا أصبحنا في قلب أزمة مالية واجتماعية وسياسية لم نضع لها اعتباراً، ولم نستعد لها.
أستطيع القول بأن الشجاعة تأتي عادةً ممن لا يملك شيئاً، بحيث يخشى أن يخسره، وهذا هو الثابت في التاريخ، فالذي لا يخاف شيئاً هو الذي لا يملك شيئاً كي يحافظ عليه، ولا ننسى أن النساء حين يفيض بهن الكيل سيفعلن ما لم نتوقّعه، وعلينا أن نوجد خطة إستراتيجية لانتشالهن من الأزمة الخانقة.
ومن يقول إن المرأة لدينا تعيش مكرَّمة معزَّزة ومصونة، هو ممن يتحايل على الواقع، فالتكريم والعزة هو منحها الثقة، منحها الحقوق كاملة، منحها فرص العمل، فهي على خلاف الرجل لا يحق لها التقدّم إلى عدد كبير من الوظائف بحجة الاختلاط، وهي لا يحق لها التقدّم إلى بنك الصندوق العقاري إلا بشروط مقنّنة، إما مطلقة أو أرملة، وهي التي لا تفتح نشاطاً تجارياً إلا في ظلال الرجل، وهو الرجل الأفضل من ظل (الحيطة)، وهي التي لا يحق لها السفر إلا بموافقة وليّها حتى لو كان طفلاً أو مراهقاً، وهي التي لا تستطيع أن توكّل ابنها أو زوجها، المفروض عليها رغم أنفها، إلا بمعرِّف رجل أيضاً، وأخيراً لا تستطيع أن تقود سيارتها بنفسها، إلا بإشارات يديها من المقعد الخلفي، وهي توجِّه السائق الهندي أو البنغالي!
هل بعد كل هذه العوائق العظيمة، تبقى أربعة ملايين فتاة عانس، خلف الجدران يحسبن أيامهن الباقية، ويحلمن بأي شيء يعيد إليهن بعض الأمل، بعد الله سبحانه؟