دون أدنى شك أن صرف مبالغ مالية للمستحقين في برنامج حافز هي مبادرة من الدولة ضمن خطوات لمعالجة السلبيات التي نتجت عن البطالة... ومن أجل ذلك كلفت وزارة العمل وصندوق الموارد ووزارة المالية تولي الصرف على البرنامج لحين حل مشكلة البطالة التي تجمعت نتيجة سلبيات متعددة في الإدارة وليس بسبب الركود الاقتصادي، كما في بعض البلدان أو الانهيار الاقتصادي في بلدان أخرى... هذا البرنامج المعالج للباحثين عن العمل له أدبيات وأخلاقيات يجب أن تتنبه لها الجهات الثلاث: العمل ,والموارد, والمالية.
أثناء التصريح والإشارة لهذه الشريحة الكبيرة جدا (1,5) مليون باحث عن العمل عندما تشير لهم بالبطالة والعاطلين... صحيح أن هؤلاء بلا وظائف، ولكن ليسوا بلا شهادات هم في الواقع ضحايا خطط إدارية لجهات وأشخاص خلال ثلاثة العقود الماضية... ففي منتصف الثمانينيات الميلادية الماضية ظهرت بوادر أزمة الوظائف وازدادت في منتصف التسعينيات الميلادية، وبرزت مشكلة البنود وأشهرها (105) الذي جاء حلا لتعيينات المعلمين والمعلمات على عقود سنوية.
برنامج حافز يضم في قوائمه ممن هم حاصلين على تخصصات إستراتيجية ودرجات علمية جامعية: من الأطباء والمهندسين والحاسب والقانون والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبية والرياضيات والصيدلة والإدارة والسياسة والإعلام واللغة الانجليزية والتخصصات التطبيقية و الإنسانية الأخرى... هؤلاء ممن تشير لهم الجهات الثلاث بالبطالة والعاطلين هم من البنية الأساسية في مجتمع المعرفة, وبعض قيادات وزاراتنا يطلقون عليهم البطالة بلا تأدب وبصورة استفزازية، وهم الأبناء والإخوان والزملاء, هم ضحايا إدارات وأشخاص وإجراءات أوجدتها الجهات الإدارية والرقابية.
فأما الجهات الإدارية فكانت مسؤولة عن الفشل في التخطيط (وتراكم) المشكلات وتجميد الوظائف والحياة الإدارية لسنوات دون مبادرات جادة, وكذلك وضع القيود الإجرائية في التوظيف والتعيين وخلق المعوقات أمام الحلول تحت غطاء عدم الاحتياج إلى النمو والتوسع الإداري وأيضا ذريعة لحماية الوظيفة.
أما الجهات الرقابية، فقد تركت القطاع الخاص ينمو بعيدا عن المتابعة والرقابة إلى حد إجهاض دعوات السعودة لمرات عدة. كما أنها لم تسع إلى إيجاد وظائف محمية للسعوديين وتتابع تنفيذها.
العيب ليس في الجيل ولا في التعليم ولا في التأهيل هناك عيب الاستيعاب الذي ينظر إليه بعض (المتنطعين) في الإدارة العليا في بعض قطاعاتنا؛ إنه نوع من الضمان الاجتماعي وينسى أنه واحد من الذين تسببوا بالبطالة.
علينا قبل (حافز) أن نحترم هذه الفئة التي لقيت الأبواب موصدة ومحكمة الإغلاق أمامها، وإنهم ليسوا بطالة أو عاطلين إنما هم ضحايا مرحلة تخطيطية تسبب بها أشخاص (وورطوا) الحكومة في هذه الأزمة وجروها إلى خيارات صعبة. قائمة حافز كما أشرت تضم نخبة التخصصات العلمية والوظائف الإستراتيجية، لكن خلال العقود الثلاثة الماضية سكتنا عنهم جميعا والآن نستيقظ على كارثة (1.5) مليون من (الحافزين) والرقم يتصاعد بانضمام المبتعثين لحافز وجدارة, وهذا يتطلب نظرة الاحترام لهؤلاء المواطنين وعدم استفزازهم وتحميلهم أخطاء المخططين وقيادات الإدارة.
a4536161@hotmail.com