مازحت أحد أصدقائي «الجداويين القدامى» قائلاً: «يابوي، أشبك بخيل كدا»؟! ولا مرة «انبرشت « لصاحبك «بهدية» من هنا وإلا من هناك؟! على اعتبار أنني رجل «أقبل الهدايا» و»العطايا» ولا علاقة لي «بالرشاوى» إطلاقاً بحكم أنني «إنسان بسيط», لا أملك «منصباً» قد يستفيد منه الآخرون.
فقرر أن «يهديني» ثوباً عصرياً، من تلك التي انتشرت على شباب الكورنيش والمولات, وقال سأفصله لك على «الموضة»وعند «خياطي الخاص» بجدة, فهو ملتزم بالمواعيد «أكثر» من مقاول «كوبري فلسطين», الذي تُظهر لوحته الإلكترونية عبارة «باقي 4 أيام» على انتهاء المشروع, فيما يطالب بـ «60 يوماً إضافية»، وكأنه يطلب وقتاً «بدل ضايع»..!!
عموماً، طلب «الرجل» مقاساتي لاحقاً؛ فأرسلتها له سريعاً وما صدقت خبر!! لعل وعسى «نفتك» من «الخلاقين التقليدية اللي نلبسها بدون تغيير من عشرات السنين».
بعد كم يوم بالفعل صدق «مقاول الثياب», واتصل بي صديقي، وقال «الهدية» في الطريق للرياض، تقطعها بالعافية, ولا تنسى الورد مع الثوب ترى «كلام كبير». لم أفهم المقصود، لكن وجدت ثوباً «لونه نيلي»، مطرز ومبطن «بكاروهات كحلية». وبحكم أني «عليمي» في موضوع الأناقة قلت «جاك يا مهنا ما تمنى»، وأخيراً «ناسبنا الموضة» وصرنا حبايب.
أصبحت أنتظر «أقرب مناسبة» لتدشين الثوب «الجداوي» المطرز، ومفاجأة الجميع «باللوك الجديد»!!
يومان فقط وإذا بأحد الأصدقاء يدعونا «لمناسبة خاصة»، سيحضرها لفيف من «الفنانين والإعلاميين». قلت فرصتك «يا ولد»؛ لتثبت للجميع «عصريتك», وأنك شخص «موهوب»، لا تقل نظرتك الثاقبة عن «جويل وربعها» فيما يتعلق «بالشياكة والأناقة». وبحكم أن الزوجات في الغالب «يكذبن على أزواجهن» بخصوص «أناقتهم» خوفاً عليهم من الخطف من «أخريات» لم أستشر «زوجتي» أصلاً مستغلاً انشغالها, فبدأت «أتشيك وأتضبط» و»على برا برا يالمزيون»!!
كان «جاري السوري»، الذي أكرهه لتدخله فيما لا يعنيه دوماً، أول شخص قابلني, وبمجرد أن رآني قال: «مرحبا جار». قلت له «أهلين»فناداني وأنا مستعجل «سمعان بآخر الأخبار جار» وهو «يبحلق بعيونه» في ثوبي الجديد. قلت «لا سمعت ولا أبي أسمع وعن إذنك مستعجل» وأنا خائف لا تنقطع الأزرة من عيونه. فقال ضاحكاً «شكلك أنت الخبر العاجل»!!
وبمجرد وصولي «للمناسبة» بدأ «الهمز واللمز» من «أنصاف النجوم» المبكرين «أمثالي», اللي يقولك وش هالبجامة اللي مكمل بها التفصيل, وآخر يقول ممكن صورة «للبيبي» لو سمحت, وآخر يقول «بكم المتر؟!»..
فأدركت أن الموضة لا تصلح عند هؤلاء, وهذا الثوب «ما ينفع» إلا عند اللي يقدره, وقررت «المغادرة» للمنزل فوراً, دون أن يراني أحد, وقبل وصول «الهوامير»؛ «حتى لا ننفضح زود». وطول الوقت وأنا أتصل «بصاحبي» ولا يجيب؛ فأرسلت له متسائلاً عن مصمم «الثوب», فأجابني: أنت لبسته؟! قلت له «أيوه» والناس ما عجبها؟! قال يا حبيبي «إيش دخل الناس»؟! الثوب هذا منزلي, مخصص للبيت وقبل النوم بس, مش للسهرات والطلعات!!
صُدمت من «الخبر العاجل», وعدت للبيت رافعاً شعار «لحد يشوفك»، وبيدي «وردة», حتى تخلصت منه «نهائياً», وهو الآن من الآثار التي أحتفظ بها «لتذكرني» بمقولة: «كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس».
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net