بعد أن قدموا قرابة خمسة آلاف قتيل وآلاف الجرحى و3 تريليونات دولار يواصل الجنود الأمريكيون مغادرة العراق بعد ثماني سنوات من الاحتلال، بعد غزو قطر عربي تحول بعده من إحدى الدول الواعدة إلى بلد مدمر، إذ أدى الغزو ثم الاحتلال إلى مقتل مئات الآلاف من العراقيين، وأجبر مليون ونصف على الهجرة، ومثلهم من الأطفال اليتامى ومئات الآلاف من النساء والأرامل.
يغادر الأمريكيون العراق حيث لم يتبق منهم سوى ستة آلاف جندي سيكتمل خروجهم في نهاية العام الميلادي ولا يتبقى سوى مدربين ومستشارين وجنود لحماية السفارة والقنصليات الأمريكية، حيث يقدر أن يكون عددهم أقل من 30 ألف جندي بين مدرب ومستشار وتأمين حماية للمنشآت الدبلوماسية.
بعد ثماني سنوات من الاحتلال الأمريكي تخرج القوات الأمريكية لتترك العراق وهو غارق في فوضى «خلاقة» كما أرادت واشنطن في عهد بوش الابن وكما كانت تروج وزيرة خارجيته جونزاليزا.
حصيلة الثمانية أعوام من الاحتلال جعلت العراق في دائرة النفوذ الإيراني وبدلا من أن يكون سيداً مهاب الجانب من إيران بالذات أصبح تابعاً يتلقى الإملاءات من طهران ومن قم على حدٍ سواء، إملاءات سياسية وأخرى طائفية، وأصبح لطهران ممثل يوجه التعليمات اسمه قاسم سليماني وآخر يوجه الفتاوى ممثلا لولي الفقيه علي خامنئي.
بعد ثماني سنوات من الاحتلال أصبحت بغداد أسوأ مكان في العالم، وأصبح سكان العراق يعيش ربعهم تحت خط الفقر رغم أن البلاد تمتلك ثاني ثروة نفطية في العالم، وأن أوضاع النساء أكثر تدهوراً من أي بلد عربي، حيث تتزايد أعداد الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن بسبب المواجهات الطائفية التي تفاقمت في عهد الاحتلال، وأصبح الأيتام في العراق أكبر عدد من أي قطر عربي لا يجدون من يرعاهم بعد أن انشغلت الدولة ورجالاتها في تحقيق المكاسب المادية للأحزاب والمليشيات التي فرضت أزلامها وزراء ومدراء عاميين، ونتيجة لذلك ترك العراق ملايين الرجال والنساء وخاصة الشباب يبحثون عن مكان يعيشون فيه بعد أن حوله الاحتلال إلى بلد لا يطاق ولا يمكن العيش فيه.
ثماني سنوات من الاحتلال، فاتورة مثقلة بالخسائر الأمريكية، أموال ورجال، يقابلها خسارة إستراتيجية حيث يخرج الأمريكيون من العراق ليسلموه إلى الإيرانيين الذين يقولون إنهم أعداؤهم ومع هذا يسلمونهم الجائزة الكبرى..!
jaser@al-jazirah.com.sa