الإيمان بالقضاء والقدر جزء من الإيمان بالله وكتبه ورسله، ومن لايؤمن بذلك فهو ناقص الإيمان، ولكن هذا لا يعني أننا لا نسعى إلى الأخذ بالأسباب الشرعية التي أمرنا بها، فالتوكل يأتي بعد الأخذ بالسبب (أعقلها وتوكل) ولذا تأتي المطالبة دوماً بعمل الأسباب التي تقودنا للسلامة , وإدارات السلامة في المؤسسات الخاصة والعامة من أهم الإدارات، ولكنها في القطاع الحكومي من القطاعات النائمة - للأسف -

.. وإلا لولم تكن كذلك لما كانت هذه المآسي المؤلمة تحدث وبكثرة، ومن جوانب عدم الأخذ بأسباب السلامة افتقاد مدارسنا لأدوات السلامة وإن وجدت فهي منتهية الصلاحية وغير صالحة لأن تكون ذات جدوى في حال حدوث ما يستدعي استخدامها.

ومن وسائل السلامة التي تفتقر لها مدارسنا سلالم النجاة، هذه السلالم التي لها أهمية بالغة في إنقاذ الأرواح - بإذن لله - في حالة وجود الخطر، بدل ما يكون أقرب طريق للنجاة اقتحام الخطر بالقفز من أعلى.

في حوادث الحريق يقف فلذات الأكباد أمام اللهب في وضع نفسي مؤلم جداً لا تتحمله قلوب الكبار فما بالك بالصغار، وفي حوادث الأمطار تشرئب هذه الأعناق الصغيرة بحثاً عن طوق نجاة.

في قاموسنا الذي ليس لنا من تطبيقه نصيب (الوقاية خير من العلاج) و(أعقلها وتوكل) و(درهم وقاية خير من قنطار علاج) نتفلسف ولا نفعل ! مؤلم وضعنا بكل المقاييس، لست بالقائل: إننا هلكنا أو أن الناس هلكوا، فلست من هؤلاء المتشائمين ولكني من زمرة الخائفين.

إذا وقع البلاء تنصل الكثير من مسؤوليته، واذا جاء الخير كل ادعى وصلاً وحباً، حالة غير طارئة بل هي منذ زمن الكرسي أولاً, وأنا ومن بعدي الطوفان.

في قضية المدرسة المحترقة ومن قبلها كوارث متفرقة لم تحرك وزارة التربية ساكناً ! إنني أسأل المعنيين بالسلامة في الوزارة هل يوجد في كل مدارسنا سلالم نجاة ؟ هل يوجد معدات إطفاء الحريق ؟ هل قمتم بإعطاء محاضرات حول الأمن والسلامة؟ الإجابة لدي لا يوجد شيء من هذا إلا أقل القليل !!

وضع يجعلنا نسأل الله ألا يأتي باليوم الذي نرى مدارس أخرى تحترق وأطفال يتهاوون من أعلى.

بالمناسبة كتبت هنا عن وضع حارس مدرسة للبنات يكاد السقف يخر عليه منذ اشهر ولم يصلح أمره حتى هذه اللحظة، وللأمانة يقول: إن مشرفة زارته ولجنة كشفت ولكن لم يتم شيء وكأن الأمر غير مهم ! حياة أكثر من عشرين نفسا داخل ملحق المدرسة 290 للبنات يحتاج لكل هذا الوقت ! أخشى أن يأتي اليوم الذي أكون فيه شاهداً على سبب هلاك هذه الأسرة.