نطرح باستمرار سؤالاً جدلياً هو: لماذا يُصبح نجماً من يظهر عبر القنوات الفضائية؟ أو بصيغة أخرى: ماذا يوجد في وسائل الإعلام ما يجعلها (تلمع) من يظهر عبر قنواتها؟ هل هي الموهبة الحقيقة؟ هل هو البريق؟ هل هو تكرار الظهور؟ وما زالت الإجابة حائرة،
كل من يظهر على وسائل الإعلام باستمرار في أي مجال، يصبح له حضور اجتماعي مختلف، وتجد الكثير يحرص على أن (يصوّر معه)، ماذا اختلف في هذا (النجم) عندما أصبح يظهر في القنوات الفضائية؟ هل صنع الفرق؟ أم أنّ الوسيلة الإعلامية هي التي صنعت له الفرق؟
أيّ سحر هذا الذي يجعل منك ذا حظوة بمجرّد أن يتكرر ظهورك عبر وسائل الإعلام؟ أيّ سحر هذا الذي يجعل من أنصاف المواهب نجوماً بمجرّد أن تشاهدهم الأعين أكثر من مرة على الشاشات؟ في من الخطأ؟ في المشاهدين والناس والمجتمع؟ أم في النجم ذاته؟ أين الخطأ؟ وأين الصح؟
النجومية بأي مفهوم تراها، لم تعد مقصورة على العناصر المتميزة، وإنما أصبحت متاحة لأي إنسان في هذا الزمن بفضل وجود وسائل الإعلام الجديدة, فعلى سبيل المثال: لقطة في (يوتيوب) تجعل منك مشهوراً ونجماً ومحبوباً، ومهما كانت المادة التي يروّج لها (النجم)، إلاّ أنه يبقى ذا سحر يجلب له الملايين من المشاهدات.
مشاهير السمعة السيئة هم أكثر الناس انتشاراً, وصار لهم ذلك بمجرّد أنهم ظهروا على الشاشات الفضية, فهي شهرة بلا معنى ما يجعلنا نؤكد أنّ وسائل الإعلام تشهر من يظهر بها، بغض عن ما مواصفات من يخرج للعالم وبغض النظر عما يحمله من فكر أو لباس أو سلوك.
في الغرب مئات الكتب التي ترصد سحر الشاشة والشهرة والنجومية، فعلى سبيل المثال نجد الكتب الآتية: (النجم كإيقونة) تأليف دانييل هيرويتز, (مصنع الشهرة) تأليف مارك بوركوسكي, (تاريخ الشهرة) تأليف المؤرِّخ الأمريكي فريد إنجليس، فيما لا نجد ما يقابلها محلياً وخليجياً وعربياً, فإذا كانت النجومية هشة وسط ترويج إعلامي كبير, فإنّ الدراسات الإعلامية في هذا المجال لا تقل هشاشة عنها, وفي الوقت الذي ينشط أدعياء الشهرة, يغيب الباحثون عن الموقف الإعلامي المهم, فالناس لا تعرف ملابسات الشهرة, ولا ملامح سحر الشاشة, فكل ما عليها أن ذاك مشهور تقف له احتراماً ودهشة وإجلالاً, ولا تعلم لماذا؟ وكيف؟ لأنّ مهمة الـ لماذا والـ كيف، هي من مهمة المختصين الذين نحتاج أبحاثهم ليقيموا توازناً بين ردود الأفعال الجماهيرية ويرشدوا إعجابهم, فليس كل من أظهرته وسائل الإعلام يستحق الإعجاب والتصفيق والتحديق والإشارة له بالإصبع.
nlp1975@gmail.com