لكي ننجح ونرتقي ونتمدن علينا أن لا نخفي الأخطاء التي نقع فيها وأن لا نتمادى بها، لأنها حتما ستؤدي إلى سلسلة من الأخطاء المتتابعة التي ستفضي بدورها إلى خسائر فادحة ومميتة، لذا علينا وبناء على ذلك وجوب الاعتراف الفوري بالخطأ والتصريح به أياً كان حجمه ولونه
ومقاسه وتفاصيله، لمعالجته فوراً ولقطع الطريق أمام سلسلة الأخطاء التي ستنتج لاحقاً، إن الاعتراف بالخطأ لا يشكل عيبا لمن يقع فيه، لكن العيب يكمن في الإصرار على الخطأ والدفاع عنه أو إخفائه، والتغاضي عنه في أفضل الأحوال، لهذا يُعدّ الاعتراف بالخطأ فضيلة، ويدل على شجاعة الإنسان وقدرته على المواجهة والتصحيح والتصويب، على عكس الإنسان الذي يصر على أخطائه ويدافع عنها على أنها صواب أو أنه يخفيها عن الآخرين مع علمه في قرارة نفسه بأنها ليست صحيحة فتتضاعف الأخطاء لتصبح عقبة كبيرة إزاء التطور والتقدم والاستقرار، إن بعض الناس يحاولون تبرير أخطائهم في الغالب ويدل هذا الأمر بوضوح على التمسك بالخطأ واعتبار الاعتراف به هزيمة ونكوص وانتكاسه، وهذه الطبيعة السلوكية تنم عن فكر متطرف محض يتطابق كليا مع الفردية المتسلطة، بكلمة أوضح إن مبدأ التمسك بالخطأ هو نتاج حتمي لنهج دكتاتوري يشمل مجالات الحياة كافة، وهو نوع من ثقافة السلوك الفردية المتغطرسة والمتكبرة والمتعالية، لذلك تتحدد أفضليات النظم الاجتماعية بقدرتها على إشاعة منهج الاعتراف بالخطأ وعدم التملص منه بشتى الأساليب الذرائعية وغيرها، فلا يصح للإنسان أن يدافع عن الخطأ الذي يقع فيه أو أن يدافع عن أخطاء الآخرين، استناداً إلى مبدأ (الفزعة) والعون والمساندة، وفي حالة كهذه تغدو عملية تجديد البنية السلوكية الهادفة إلى تحرير المجتمع غاية في الصعوبة، إن بعض الناس يتعاونون في تبرير الأخطاء أو محاولات التملص منها أو تسويفها، بل يذهب بعضهم إلى الدفاع عن مرتكبيها بقوة وصلافة ووقاحة، من خلال التصريحات التي تبرّئ هذا الطرف أو ذاك ليصلوا في المحصلة النهائية إلى عدم الاعتراف بالخطأ والتمسك به ومحاربة الأفراد أو الجهات التي تحاول أن تكشف الأخطاء والسلبيات ومن يقف وراءها، إن هذا السلوك الخطير ليس وليد الراهن لأن جذوره موجودة مسبقا في المجتمع - أي مجتمع - وهو حاصل منظومة سلوك فردية متسلطة متوارَثة لكن استمراره وتزايده لا يتسق مع طبيعة المرحلة الراهنة التي ترفع لا فتة الشفافية شعارا أساسيا ومبدئيا لها، لذا كان الأجدر بالناس أن يحدّوا من استشراء ظاهرة التمسك بالخطأ والدفاع المتبادل بين المخطئين، سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو جهات أو منظمات أو هيئات أو أحلاف أو سواها، وأن لا تعلو مصلحة الفرد أو الجماعة أو الجهة على مصلحة الأمة والوطن في كل الأحوال، إن الوقف إلى جانب مرتكبي الأخطاء لن يجدي نفعا لأنها ستنكشف عاجلاً أم آجلاً، وفي ظل الشفافية والمكاشفة الواضحة والنقية لن تضيع الحقوق والمطالبات مهما تقادم الزمن، وستأخذ مسألة المقصرين والخانعين غير قائمة وستبدأ بالتلاشي والاضمحلال طالما أن عملية المكاشفة والاعتراف بالخطأ تسير بالاتجاه الصحيح، إن على الناس أن يعملوا معا وباتحاد تام للقضاء على ظاهرة التمسك بالخطأ والدفاع عن المخطئين والمقصرين والذين بهم سوء وضرر، إن تراكم الأخطاء والتورط بها يؤدي بالنتيجة إلى عدم القدرة على التراجع إلى جادة الصواب، لذا لابد أن يعمل الناس عموما أفرادا وجماعات على إشاعة مبدأ الشفافية ونشره كمنهج سلوك جماعي يعتاده الأفراد وتأخذ به الجهات الأخرى، وهذا ما نتوق ونتطلع إليه تماما، إن مفردات ومصطلحات مثل الشفافية والنزاهة والمصداقية تتردد بين الجميع، وهي مفردات نريدها أن تتبلور وتتطور بشكل متواصل وسريع وغير آني، لكي تصبح بعدها قضية المصداقية والمكاشفة والاعتراف بالخطأ ورفض التمسك به محط اهتمام واعتناء الكل، إن على الجميع وبملء إرادتهم تحمل المسؤولية كاملة بكل أثقالها وأوزانها وأحمالها، لنعبر بعد ذلك جميعا نفق الأخطاء المتراكمة والقصور حتى الوصول لنور الشفافية والتفيؤ بظلال الصدق والفضيلة.
ramadanalanezi@hotmail.com