تتضاءل كــل المطالب والطموحات التي نكتب عنها بما يحقق للمرأة مكانتها ويحفظ حقوقها حينما نقف أمام مشاهد العنف التي تدمي القلب وتفت الكبد!
ما يسوؤني حقا ما أقرأه وما أشاهده وما ينقله لي البريد عن أصناف العنف الموجه للمرأة في بلد يدين أهله بالإسلام، ذلك الدين الذي شدد على حقها منذ نزول الرسالة على مجتمع بدائي آنذاك يرث المرأة كما تورث الدواب والأموال! وبرغم مرور أربعة عشر قرنا من نزول الوحي وتحقيق أهداف الرسالة؛ إلا أن العنف ضد المرأة يتزايد بصور مختلفة وأشكال عديدة، ويصدر من الرجال بمختلف الأعمار والمستويات العلمية والثقافية والاقتصادية وحتى حاملي الشهادات الشرعية الذين يدركون أكثر من غيرهم حق المسلم. ويعلمون أن الأسرة بنيت في الإسلام على المودة والرحمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} والبناء لا يقوم على الأذى والعنف الذي يتنافى مع تعاليم الإسلام الحكيمة.
ولأنه لم يُجدِ النصح والإرشاد والتوعية والوعظ والتذكير بالله والتقوى بالتعامل مع المرأة؛ لذا يتعين إقرار قانون صارم ضد من تسول له نفسه توجيه العنف لأي شخص كان، وبالذات الزوجات والأخوات وحتى البنات! ولابد أن تقف تلك الوحشية المفرطة والإسراف بالعنف ومحاربتها وتجريمها مثلما تكافح الدولة الإرهاب والمخدرات وحفظ حدود الوطن. ولا يخفى على صاحب لب ما يمكن أن يؤول له العنف وما هي نتائجه على بنية الأسرة وعلى المجتمع كافة.
ولئن كشفت بعض وسائل الإعلام (الجديد) وبعض المحطات الفضائية عن بعض تلك الصور فإن معظم الصحف الرسمية تغض الطرف عن النشر ربما لاستنادها على مفاهيم قديمة وإصرارها على ندرة الحوادث وأنها لم تتحول لظاهرة اجتماعية، إضافة إلى تصنيفها بمواضيع الإثارة الصحفية، فتضرب صفحاً عن ذكر تلك الحوادث أو نشر صور العنف برغم أهميتها. ولا يمكن تجاهل دور الصحف في زواج القاصرات وتحريك المياه الآسنة والاقتراب من سن قانون لإقرار السن المناسب للزواج وهو جهد يشكر للصحف الرسمية بالذات.
وقد يصعب فهم أسباب العنف وسبر أغواره حين نرى ونسمع عن كثرة المعنفات من سيدات متعلمات ومثقفات، بل أستاذات بالجامعات وذوات مناصب عليا وطبيبات ومعلمات وسيدات أعمال بل وحتى جاهلات وأنصاف متعلمات. إلا أنه يمكن تشخيص المشكلة بأنها إما انعدام التكافؤ الفكري بين الزوجين، أو ضعف بتحمل المسؤولية ورفض للنفقة على أسرته وإجبار الزوجة عليها، أو علة نفسية لدى الرجل تتركز بالشك الذي ينخر قلبه في ظل هذا الانفتاح المعرفي والتقني.
وتبقى عدم الثقة بالنفس والخسة والدناءة والاستقواء الذكوري والعضلي هي أكبر أسباب قيام الرجل بالانهيال على المرأة بالضرب والشتم والسب. وعلى المرأة نبذ العنف ورفضه من أول مرة، وعلى المجتمع تجريمه والوقوف في وجهه كما وقفوا سداً منيعاً بمقاطعة سلعة رفعت سعرها. فالمرأة ليست سلعة بل روح تتعذب، فهل نستيقظ؟!
rogaia143@hotmail.com-Twitter @rogaia_hwoirinywww.rogaia.net