{فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِه وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (يونس 108). {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} (الرعد 40).
هذا هو قول الحق سبحانه؛ فلنتأمل فيه جيدًا، ولنسترجعه كثيرًا ونحن نتعايش مع بعضنا بمختلف اتجاهاتنا وقناعاتنا.
في الوقت الذي ندين فيه مولوتوف المتطرفين من بعض أفراد المذهب الشيعي، الذي استخدموه في إيذاء رجال الأمن في العوامية أو المواطنين المسالمين وما تسببه لنا من إحراجات في هذه المرحلة، فإننا لا بد أيضاً أن ندين بعض ممارسات أفراد الهيئة، الذين تحولوا إلى مولوتوف بشري يُهدِّد أمن الناس في مواقف كثيرة تناقلتها وسائل الإعلام الأجنبية، وهي تحرجنا في مجال حقوق الأفراد، وخصوصاً أنها قائمة على الشك والريبة والظنون المريضة.
وما حدث للطبيبة نورة المسلم في المستشفى التعليمي في الخُبَر، وهي طبيبة المخ والأعصاب المتميزة، إلا واحد من هذه المواقف التي لا تقل أذى عن المولوتوف الناري؛ فليس أقسى من التجربة التي مرت بها. ورغم أن الهيئة أقرت بخطأ ما اقترفه أحد أفرادها بتهجمه على الطبيبة، إلا أن هذا لا يكفي.
المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تغيير جذري في استراتيجية الهيئة، يقوم على البلاغ، وليس على الحساب؛ فالحساب موكول إلى الله سبحانه، ثم إلى الجهات الأمنية والقضائية، وليس لأفراد الهيئة الحق في إقامة محاكم متنقلة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نظَّمه إدارياً عمر بن الخطاب، وجعله معينًا له في العدل، وأمر التجار والكبراء والولاة والقضاة قبل العامة بالعدل والإحسان والاستقامة وكفهم للمنكر قائم على الدلائل والقرائن، ولا يقوم على الشك والاشتباه.
وعليه، فإنه ليس من حق موظف الهيئة انتهاك الخصوصية مثل طلب تفتيش حقيبة أو فتح جوال أو غيرها في أمور يرتاب هو فيها أو يرفضها، وهي مما اختلف فيه أساطين علماء الفقه الإسلامي، بينما هو يراها إثماً عظيماً، وهي لا ترتقي إلى الشك عند آخرين. أما حين يكون هناك جرم مشهود في حد من حدود الله فالمفترض على رجل الأمن المرافق عادة لأفراد الهيئة أن يباشر عمله حسب الإجراءات القانونية، أو يبلِّغ جهة عمله؛ لتمده بالتعليمات والمساندة.
لكن إطلاق الأمر للمتحمسين المندفعين؛ ليتحولوا إلى مولوتوف يثير الرعب، ثم الاعتذار عنهم، فليس حلاً أيتها الهيئة الموقرة التي نقر بفضل كثير من جهودها.
f.f.alotaibi@hotmail.com