في مثل هذه الأيام من السنة يطول ليل الشتاء ويحلو السمر ولطالما خلّد الشعر فصيحه وشعبيه روائع صوّرت بشكل أو بآخر هذه العلاقة - البلاغية - الحالمة بين تفاصيل ليالي الشتاء وما يتخللها من ذكريات أبقاها الشعر تارة، ووثّق ما يتخلل ليالي السمر فيها تارة أخرى كجمر الغضا والطلح والسمر والارطا، التي جمعها أحد الشعراء في شطر بيت واحد من الشعر مصوراً حرقة لهيب شوقه المتناهية:
كن الغضى والطلح والسمر وارطاه
تلهب بجوفي صايره هي متاعه
ويقول الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن بصوت الفنان طلال مداح (رحمه الله)-:
(سوالف ليل.. بجنب المنقد الغافي..
على حَدّ السهاد.. تحدّثنا في تالي ليل..
زَرعنا سرّنا الخافي.. على شفاه الجمر معنى..
وخفَنا الناس تِسمَعنا..)
ويقول الأمير الشاعر خالد الفيصل:
الله على شمس المغيب
والليل إلى نسنس هواه
الضّو تقدح بالجمر
والنجم يقدح في سماه
ويقول الأمير الشاعر محمد السديري رحمه الله:
تسابقن قلبي هواجيسٍ ارداف
الليل طال وحن قلبي على الكيف
وناديت من حولي يعجّل بالاسعاف
يشب نار ادلال بيضٍ مزاهيف
يا حسين شب النار واسرف بها اسراف
حتى يصير الجمر فيها مشانيف
وهناك من الشعراء من ليس على وئام ربما في مشاعره العاطفية تجاه هذا الفصل من العام الذي يكتئب فيه البعض إلى حدٍ - ما - وبالتالي ينعكس ذلك على تصويرهم الذي يظلم جمال ليالي الشتاء الحالمة رغم عذوبة تصويرهم المتناهية كالشاعر ماجد الشاوي:
كيف تستسلم الجذوه لصمت الجليد!؟
كيف يملا العيون الحزن دون اختيار
يشار إلى أن هذا الفصل من العام محبب لأهل - الولع - والقنوص - والصقاقير
يقول الشاعر مرشد البذال - رحمه الله:
مانيب غاوي هدّت الطير بالخلا
بالخايع اللي مخضراتٍ بجايده
مافيه كود الطير يا صاح والمها
هذي مراتيعه وهذي مقايده
ولانيب ناسي شبّت النار عتمه
في وسط بيتٍ ناهضاته عمايده
أشوف الدلال اللي طوالٍ عنوقها
تصلى على جمرٍ تلظى وقايده
وتلقى النشاما جالسينٍ بربعته
وكل يعبّر عن كلامه فوايده
وفي المقابل هناك - كما يقول أحد الظرفاء - من ليس له صلة من بعيد أو قريب بليالي الشتاء الحالمة إلا (الحليب بالزنجبيل، والحنيني، والمحلا، والقشد).
abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com