التحديات التي يواجهها الآباء في الوقت الحالي فيما يتعلق بتربية الأبناء أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه في زمن سابق. في الوقت الحالي طغت التكنولوجيا على مجمل جوانب حياتنا اليومية من وسائل ترفيه واتصال قرّبت البعيد وأصبحت وسيلة ترفيه لكثير من أبنائنا وبناتنا.
عصرنا الحالي تغير كثيراً إلى حد لم يكن يدور في خلد الكثيرين أننا سوف نصل إلى هذه المرحلة التي أجزم لو أن أحداً من جيل الآباء والأجداد عاصرها لأصابه الذهول وعدم التصديق. لب موضوعي هو أبناؤنا ومدى تأثير هذا التطور التكنولوجي الذي نشهده حيث جعل العالم كالقرية الصغيرة من يعيش في شمالها يمكن التواصل وبكل يسر وسهولة مع من يعيش جنوبها، ومن يعيش في غربها يمكنه التواصل مع من يعيش شرقها. هل يا ترى أثرت على تربية أبنائنا في الوقت الحالي بالتأكيد ؟ نعم، وأكاد أجزم أن الكثيرين يعانون من مراقبة أبنائهم في استعمال تلك الأجهزة؛ حيث أصبحت هدية النجاح اليوم لا تعدو أن تكون جهاز حاسوب (لاب توب) أو (بلاك بيري) أو(آي فون) إلى غيره من الأجهزة التي تتسابق في الظهور وعجز العقل البشري عن مجاراتها. بل أصبح الابن لا يتقبل إلا هدية عصرية ولا يرضى إلا بأحدث المواصفات. أنا هنا أتكلم عن مدى خطورة هذه الأجهزة على سلوك أبنائنا وتربيتهم إذا ما كان استخدامها للأسف بالشكل الذي لم تصنع من أجله؛ حيث نشرت إحصائية نشرتها عملية مسح قام بها مجموعة من المرشدين العرب في يناير 2011 بعنوان وسائل الإعلام العـــربية مسح لمستخدمي الـشــبكة العنكبوتية بالإضافة تشير إلى أن 65.3% من مستخدمي الإنترنت في المملكة العربية السعودية تلعب ألعاباً على الإنترنت فقط تتراوح أعمارهم ما بين ستة عشر وخمس وعشرون سنة.
إحصائية مخيفة لا شك. هذا النوع من التحدي للآباء لا يمكن السيطرة عليه إلا بنسبة لا تزيد عن خمسين بالمئة. سلاح ذو حدين لا يمكن السيطرة عليه ولا يمكن أن نلقي اللوم على الوالدين إلا من هم على مستوى عالي من الثقافة بتلك التقنية الحديثة. مما لا شك فيه أن لتعليم الوالدين نسبة كبيرة لا يمكن حصرها في تربية الأبناء ولو كان الأمر غير ذلك يجب على الوالدين مجاراة الأبناء في التربية ولو بنسبة بسيطة على أقل تدقير.
إن إعطاء الآباء دورات بسيطة للتعامل مع أجهزة التكنولوجيا الحديثة أصبحت حاجة ملحة وواجب حتمي للآباء. إذ وجب على الأباء في الوقت الحالي أن يعرفوا ولو بنسبة معقولة كيفية التعامل مع وسائل ترفية الأبناء الحديثة أحد الأصدقاء علق ممازحاً بقوله يفترض إعطاء الخادمة والسواق تلك الدورات. الوسطية شيء جميل ونحن أمة الوسطية في الدين كما هو معلوم. ومن هذا الجانب التعامل مع الأبناء في كل شيء لا أخص التربية بل حتى في توفير متطلبات الأبناء شيء لا يجب أن نغفل عنه. إن المبالغة في الشدة وعكسها تماماً التساهل تفقد الابن أهم ما يحتاجه الابن وهو حنان الوالدين مما يتسبب في فقدان الأب لبر ابنه ويبدأ مسلسل الاتهام بالعقوق للابن. يفهم الكثيرون خطأً المثل الشعبي المعروف (إذا كبر ابنك خاويه) اعتقاداً أن المقصود هو أن تكون صديقاً لابنك ومفهوم الصداقة هو أن الصديق يوافق صديقه في كل تصرف حتى ولو كان خاطئا بينما يجب علينا أن ندرك أن مفهوم المثل الذي ذكرته سابقاً هو أن يكون الأب أخا لابنه وتكون الأم أختاً لابنتها لأن من صلاحيات الأخ منع أخيه من فعل الخطأ الحال ينطبق تماماً على الأخت مع أختها. للأسف مفهوم الأبوة كسلطة أو صداقة خطأ كبير في حق الأبناء. كثيرون من الأبناء بعد عقوقهم لوالديهم صرخوا في وجه المجتمع بصوت عال وقالوا ليتهم وأقصد والديهم منعونا وقالوا لنا (لا) يوماً ما. موضوع الخصوصية للابن من شروط الشخصية في الإنسان؛ لذا وجب علينا كآباء أن نمنح أبناءنا خصوصية، ولكن كما ذكرت بشيء من الوسطية أو حتى الاطلاع على خصوصيات الأبناء بدون علمهم. غفل كثير منا للأسف عن هذه المنطقة الجوهرية والحساسة في التربية. الكثير يعتقد أن الإجازات وأقصد الأبناء أنها للهو واللعب والنوم فقط لذا وجب علينا كآباء أن نغير هذا المفهوم من خلال خطط أو خطة قد ينتابها بعض الملاحظات وقد لا يتم تطبيقها إلا بنسبة بسيطة في أول تجربة إلا أنها قد تكون فائدتها أكبر وأجل وأعظم مما نتصوره أو يتصوره الكثيرون.