تحكي إحدى النكت المصرية «الشهيرة»، حواراً مريراً تم بين «اثنين» من الطرشان:
الأول: الأوتوبيس ده بيروح مصر الجديدة؟!
الثاني: أنت على الحديدة؟! ليه بتطلب إحسان؟!
الأول: عاوز بذرة الكتان؟! لالا.. دي بتلاقيها عند العطار.
الثاني جزار!!... آه أتاريك جوعان وعاوز تشتري لحمه!!
الأول: معك حق الدنيا زحمة.
واستمر الاثنان في «حوارهما البيزنطي», دون أن ينصت أحدهما للآخر أو يفهم ما يقول، وعلى هذا المنوال حتى فات الأوتوبيس وجاء الشويش.. وسألهما بتعملوا إيه هنا؟! فأجاب الاثنان معاً: « ايّوه يا شويش.. إحنا مستنين الأوتوبيس.. فقال لهما: نهاركم مش فايت!! جواسيس؟! قدامي على القسم..!!. حيث صادف أن «الشويش» كان هو الآخر «أطرش» مثلهما.
قد نكون في بعض «حوارتنا»و»نقاشاتنا» مثل هؤلاء ونحن لا نعلم، وذلك بسبب تعنتنا لآرائنا وعدم سماعنا لما عند الآخرين من حجج وأفكار قد تكون وجيهة وصادقة، حيث يغلب «الجدال» وترتفع الأصوات بيننا لمجرد «الجدال»، لتتحاور الألفاظ «بيننا», وتتعطّل «العقول», ولعل هذا يحدث في معظم «حواراتنا الشخصية»، والعائلية، وحتى تلك «السياسية» على «الشاشات التلفزيونية» وفي البرامج الحوارية التي تكثر اليوم بفعل ما يحدث في العالم العربي.
علّمنا الشافعي قائلاً: «ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته واعتقدت مودته، ولا كابرني أحد على الحق ودفع الحجة الصحيحة إلا سقط من عيني».
وهذه هي أخلاق وآداب «المتحاورين» من الإخوان والأصدقاء وحتى الأعداء في شأن الحياة اليومية أو العائلية، فمن يقبل الحق والحجة أو يقدمها لنا ويقنعنا بها، أولى بصداقتنا وأخوتنا، لرجاحة عقله، و»فكره الناضج»، والنيّر, وقبل ذلك كله نيته الصادقة، ومن يخالفنا لمجرد «الخلاف» فالبعد عن الحوار معه خير.
ليس بالضرورة أن يكون كل «حوار ناجحاً»، فقد يتشاجر المتحاورون بعيداً عن صلب الموضوع، حينها يجب أن نلعب دور «الطرشان» أصحاب الأوتوبيس.. متى ما أردنا النجاة!!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net