أن تسوق ادعاءات، وتنشر أحاديث صحفية وتجري مقابلات تلفزيونية مع أجهزة إعلام البلد الذي ترأسه أو تشغل إحدى وزاراته، أو حتى تمرر أحاديثك عبر المحطات التلفزيونية التي تدور في أفق التحالفات الإقليمية والتي تقبض ثمن ترويجها لتلك الأحاديث والمواقف، فهذا أمر اعتاد عليه المتلقي العربي الذي ما أن تظهر صورة المسؤول العربي الأول حتى يغير المحطة التي ظهر عليها ذلك المسؤول، ولا يستثنى من ذلك سوى عدد قليل من القادة الذين عرف عنهم التلقائية والشفافية وصدق القول فيتابعهم المتلقي.
هذا معتاد ويعرفه كل من يعمل في الوسط الإعلامي بل أصبح المتلقي العربي يفهمه ويفهمه جيداً. ولهذا فقد سخر المتلقي العربي من المقابلة التلفزيونية التي أجرتها الصحافية الأمريكية المخضرمة باربرا وولترز مع بشار الأسد رئيس النظام السوري وبثتها المحطة الأمريكية أيه بي سي. فالرئيس ومع أن الحديث موجه للمتلقي الأمريكي والأوروبي والذي لا يخفى عليه معلومة، فالإعلام الأمريكي والأوروبي يتعامل بمهنية وبشفافية ولا يسير خلف من يدفع كإعلام الشيك الذي يتبعه الإعلام العربي الموجه، الذي قد يقنع بعض المغترين والذين لا زالوا متأثرين بإعلام الممانعة، إلا أن تتحدث بكذب مفضوح فهذا لا يمكن أن يمر مرور الكرام، الرئيس الفريق القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية، يقول بكل بساطة: «إنه ليس مسؤولاً عن إراقة الدماء التي جرت على مدار تسعة أشهر، وإنها تجاوزات نفذها أفراد وليس نظامه».
الرئيس الفريق القائد الأعلى للقوات المسلحة يقول إنه لم يصدر أمراً للقتل أو للوحشية...!!
إذن من أعطى الأوامر للقوات العسكرية التي قصفت بالطائرات والدبابات والمدفعية منازل المواطنين السوريين في جميع المحافظات السورية آلاف الذين قتلوا برصاص عناصر الأمن والجيش وشبيحة من الذي أعطى الأوامر لهم؟ وزير الدفاع، وزير الداخلية، رئيس هيئة الأركان، شقيقك ماهر الأسد، أو أي منهم...؟!! وإذا كنت وأنت الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة، جيش وأمن لم تعط أوامر القتل، فلماذا لا تحاسب من يعطي أوامر قتل الشعب...؟ وهل كل الذين قتلوا من غير أبناء الشعب.
يقول الرئيس: «ليس من حكومة في العالم تقتل شعبها، إلا إذا كانت تحت قيادة شخص مجنون» فهل ارتفاع أرقام القتل وتزايد أعداد الضحايا تؤكد بأن النظام السوري يدار من قبل شخص مجنون أم مجموعة مجانين...؟!!
لعل هذا هو الاستنتاج الوحيد الذي خرج به المتلقي الأمريكي والأوروبي بعد متابعة اللقاء.
jaser@al-jazirah.com.sa