يرى العديد من خبراء السياسة والمحللين بأن الموقف المتردد لجامعة الدول العربية والذي يعود إلى انقسام وزراء الخارجية العرب في اجتماعاتهم المتكررة في مقر الجامعة لبحث الوضع في سورية قد أطال أمد الأزمة وعقَّد الحل.
تردد جامعة الدول العربية باتخاذ موقف حاسم وحازم لمعالجة الوضع الشاذ في سورية، والذي سببه تمترس أنظمة عربية معينة ضد أي إجراء عربي جماعي ضد الأنظمة التي تقتل شعبها، لأنها هي في الأساس تمارس الدور نفسه، ولذلك فقد عمدت هذه الأنظمة ومن خلال وزراء خارجيتها إلى تمييع موقف جامعة الدول العربية، وعملت ومن خلال وجود وزير خارجية دولة عربية قام بدور محامٍ لنظام بشار الأسد، واستطاع أن يعرقل أي إجراء جاد يجعل النظام يستجيب للجهود العربية وردعه عن قتل شعبه، وذلك بمنح المهل الزمنية التي تواصلت أكثر من شهر فيما تستمر عمليات القتل، وأمام تحفظات واعتراضات ذلك الوزير الذي شجعه «حيادية» وزراء آخرين، إلى أن يعمل على تفريغ قرارات اللجنة الوزارية التي شُكّلت لمعالجة الوضع في سورية. وبمقدار ما كان رئيس اللجنة رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها وأمين عام جامعة الدول العربية يعملان من أجل تفعيل قرارات اللجنة العربية وتنفيذ بنود مبادرتها، يعرقل ذلك الوزير تنفيذ بنود المبادرة وإعطاء النظام السوري مزيداً من الوقت لتفعيل الخيار الذي يسير عليه منذ بدء الأزمة، وهو الخيار الأمني. وبقدر ما كانت اللجنة تعطي النظام السوري مهلاً زمنية إضافية، كان يستغلها النظام لقتل المزيد من الشعب السوري، وإضافة شروط تعجيزية لتفريغ المبادرة من أي تأثير إيجابي لحل الأزمة، حتى أصبحت اللجنة الوزارية ومن ثم جامعة الدول العربية أسيرتين لشروط النظام السوري، وتحفظات محامي النظام العضو الوزاري في اللجنة الوزارية. وهذا ما جعل اللجنة الوزارية وجامعة الدول العربية عاجزتين عن فعل أي شيء، وهو بالضبط ما يريده النظام السوري حتى يكمل ما يعتقد أنه الحل الذي يكفل بقاءه جاثماً على صدر الشعب السوري حاكماً بالقتل ومن خلال عناصره الأمنية وقواته العسكرية وفرق «الشبيحة».
هذا الوضع الذي لا يخدم الشعب السوري بدليل سقوط عشرات الشهداء يومياً برصاص عناصر النظام، والذي يعتقد نظام بشار الأسد وحلفاؤه بأنه يخدم إستراتيجيتهم بإطالة الوقت لتنفيذ الحل الأمني، يفرض على جامعة الدول العربية واللجنة الوزارية المختصة بمعالجة الوضع في سورية أن تعلنان بوضوح عجزهما عن إعادة النظام السوري إلى طريق الصواب، وأن تعلنا بكل وضوح بأنه إن لم تنفذ بنود المبادرة العربية بلا أي شروط أو تحفظات، سوف ترفع القضية برمتها إلى مجلس الأمن الدولي وأن يُدَوَّل الملف السوري بعد أن عجز العرب عن حله.