كما يدب النمل، تفعل الأحلام...
هكذا تدب في الرأس أحلام..
غير أن مسارات الواقع تجعلها تخيلات...
قيل إن الجامعات مصانع...
وإن المدارس محاضن..
وإن المفكرين قناديل في ظلام..
تفشى الحلم حتى بلغ الأقاصي في اليقين...
غير أنه ما لبث أن عجف, وتساقط مع أول نزول لقافلة ريح أتت بها وقائع الواقع..
هناك أميون كثر، مع أنهم يفكون الحرف..حصاد تلك المصانع.. والمحاضن والقناديل..
أرأيتم مختصين في علم ويجهلون التعامل مع أبجدياته، تماما كما الذين لا يتقنون اللغة التي يوسمون بالاختصاص في علومها..؟... وربما رأيتم المفرغين من نتائج محاضن تلقم القشور, وتبقي على اللباب في معزل..؟ أو الحاطبين في ليل، مطفأة فيه إشراقات القناديل..؟
هناك نظيفون تلمع أحذيتهم، تكاد أن تكون قبسا في ظلمة، وتتلألأ ألبستهم من فرط بياضها.. غير أنهم حيث يعملون، أو يتحدثون، يتركون آثارا داكنة، وألفاظا نابية.., وأصداء جارحة..
هناك متكلمون, لكن لهم أصواتا جهورية، تصك الآذان بأصداء جعجعتها..
هناك جميلون، غير أن ندوبا، وبثورا، وقبحا تحت أصباغهم...
هناك من يدعي:
نبل السلوك، وهو سيئه..
وسلامة الطوية، وهو مريضها...
وحرية التصرف، وهو مفلتها...
والرأي مع الآخر، وهو فئوي فيه...
ومحبة الآخر, وهو يبغضه..
والصدق في المواقف وهو يكذب..
و... و... و... و... و....
هناك انقلاب موازين.. في كثير كثير من قيم التعامل، والتفاعل، والعمل، والسلوك، والأخلاق..
بين كثير كثير من الناس...
فالصحائف تتسود بحروفها,..
لا تنير بمضامينها...،
بل تطمس بسواد أحبارها,..
والحلم يدب ليس في الرأس بل في القلب...
دبيبه كما وقع المدية في صدر باغته الألم،..
فانشق عن صمته..
لا بأس،...
كلما شاء أحدكم أن يتلو أحلامه،...
فليفعل في وضح الشمس...
ذلك لأن يفيق...
سيجد أسراب النمل تدب في اتجاه مخابئها...,
بعد أداء أحلامها أفعالا في وضح النهار..
بينما سيجد تضافرا على ذبح أحلامه..
في غسق ظلام النهار أيضا..