رداً على ما كتبه كاتبنا القدير الأستاذ سعد الدوسري يوم السبت 24 ذو القعدة بعنوان (تنين التخصصي)، فإنني أشكر له وللجريدة الغراء التطرق لهذا الموضوع، الذي أدميتم من خلاله جرحاً لم يشف بعد، فحكاية كادر الممارسين الصحيين السعوديين، حكاية عجيبة أقل ما يقال عنها إنها من حكايات ألف ليلة وليلة.
منذ زمن غير بعيد، بدأت الحكاية.. شابة رائعة يافعة لم يبخل عليها راعيها بالمال والرعاية.. شهرتها تجاوزت الحدود.. لم يكن نجاحها وليد صدفة، فلها من الأبناء الأكفاء الكثير.. راعوها وأخلصوا لها وتفانوا في العمل تحت سقفها.. وبعد أكثر من ثلاثين سنة من النجاح، أتاها الركبان بقرار غريب.. لم يكن قتلها جزء من القرار، ولكن إضعاف أبنائها هو القرار.. أوليس إضعاف أبنائها قتلاً بطيئاً لها؟!
أقول لمن شعروا بالسعادة لأن القرار سيؤدي إلى الهجرة العكسية:
- أوليست المستشفيات التخصصية تخدم أبناء الوطن نفسه؟ هل هذه المستشفيات من كوكب آخر؟ أو أنها تخدم شعوباً أخرى؟
ورداً على ما ذكره وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة بأن (القرار تمت دراسته من قبل لجنة من ذوي الاختصاص......)، فإذا كانت المستشفيات التخصصية جزءاً من المنظومة الصحية، فكيف تقر لجنة من (ذوي الاختصاص) قراراً قد يؤدي لهجرة عكسية لأبناء هذه المستشفيات، وتفخر بذلك؟! ألا يمكن أن تتحسن الخدمات الصحية في المملكة بدون هدم ما أصبح هرماً طبياً ؟!
إن بناء الطاقات البشرية لا تـأتي بمحض الصدفة ولكن من خلال إستراتيجية مدروسة تستغرق سنيناً لتظهر نتائجها. فليس من المجدي هدم منشأة صحية يستفاد من خبراتها الطبية بسبب (الهجرة العكسية)، هناك طرق أخرى أقل ضرراً.
نعم، تعديل رواتب الممارسين الصحيين السعوديين في وزارة الصحة مطلب وطني، خاصة وأن السعوديين يمثلون نسبة قليلة (أقل من 30 %) من إجمالي العاملين في مستشفيات وزارة الصحة! ومن المؤسف أن يعمل أي ممارس صحي في وطنه بأقل من العاملين من الجنسيات الأخرى لذلك الكادر جيد من هذه الناحية فقط، ولكن توحيد الرواتب بدون النظر لتصنيف المنشأة حسب نوعية الخدمات المقدمة فيها، كما هو معروف عالميا، قرار لم يدرس بما فيه الكفاية.
أنا لا أعلم النوايا الخفية لضم مستشفى التخصصي لهذا الكادر ما أعرفه أن مستشفى الملك فيصل صرح طبي كبير يفخر به أي سعودي، ونحن لا نعمل في مستشفى الملك فيصل فقط، نحن ننتمي لهذا الصرح.. لذلك القضية لم تكن تجميد رواتب الممارسين الصحيين السعوديين، القضية استمرارية هذا الصرح الطبي بتقديم الخدمات الصحية المتميزة بنفس المستوى، حتى بعد تطبيق الكادر؟
د. عزيزة الجوهر
استشارية طب أسنان مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث