كنتُ قد تحدثت في السابق عن سرّ الوصول إلى النجاح والرضا عن الذات، وهذا السرّ يكمن في أن نفهم ذواتنا، ونتحكم بها، ونُحسن إدارتها. وعرَّفنا الذات، ووضَّحنا معنى إدارتها، والخطوات التي تساعد على ذلك. ولكن.. كيف نتحكم في ذواتنا؟ كيف نسيطر عليها؟
إنَّ أهم مبدأ من مبادئ التحكُّم في الذات هو: أن تتحكم في حديثك مع ذاتك، فهل تتحدث مع ذاتك؟ هل تُعتبر هذه الصفة مفيدة أم أنها ضرب من الجنون؟ هل الحديث مع الذات برأيك أمرٌ مهمٌّ وضروري؟ هل حدث أنك أردت الاستيقاظ باكراً لإعداد تقرير أو للصلاة.. وسمعت صوتاً من داخلك يحثك على النهوض، وصوتاً آخر يشجعك على أن تظل راقداً في سريرك مع الدفء والراحة؟
وهنا أقول لك إننا جميعاً كائنات تتكلم وتفكر، وهذا لن يتوقف طالما نحن أحياء. نعم، كلنا نتحدث إلى أنفسنا، والمطلوب أن يكون حديثنا هذا إيجابياً وليس سلبياً، أن نجعل هذا الحديث يعمل لصالحنا وليس ضدنا!
هناك مقولة حكيمة لجيمس آلان تقول: أنت اليوم حيث أوصلتك أفكارك، وستكون غداً حيث تأخذك أفكارك.. فأحسن الحديث إلى ذاتك.
المبدأ الثاني هو: الاعتقاد. والاعتقاد قوة كبيرة؛ فعندما يكون الاعتقاد قوياً ستكون تصرفاتنا متماشية مع هذا الاعتقاد، والعكس صحيح.
من أمثلة الاعتقادات السلبية: أنا لا أساوي شيئاً (تحقير الذات)، أنا لا أستحق الحياة، لو امتنعت عن التدخين سيزيد وزني..
من أمثلة الاعتقادات الإيجابية: أنا واثقٌ بنفسي وبقدرتي على النجاح، أنا قوي وسأتمتع بصحة جيدة بإذن الله..
إن الشيء الوحيد الذي يميز بين شخص وآخر هو النظرة تجاه الأشياء والمواقف؛ فنظرتك هذه من اختيارك أنت!
المبدأ الثالث هو: التحكم في العواطف، فالأحاسيس تتقلب كما يتقلب الجو، تختلف، تهبط وتصعد.. ولكن.. لِمَ نسمح للظروف بأن تؤثر في أحاسيسنا وفي حالتنا الذهنية؟ ألم يحن الوقت بعد لنسيطر على عواطفنا، ولا نسمح لأي إنسان أو موقف أن يُملي علينا ويختار لنا أحاسيسنا؟
آن الأوان لنتحرك باتجاه الأحاسيس الإيجابية التي تشعرك بالسعادة والراحة؛ فهذا الخيار يعود لك أنت، احرص على هدوئك الداخلي وسلامك مع نفسك، حافظ على صحتك وطاقتك ومارس الرياضة، حسّن علاقتك بالآخرين، واحرص على أن تكون هذه العلاقة طيبة، حدّد أهدافك في الحياة واسعَ لتحقيقها، أمسك بزمام أمور حياتك؛ فالحياة أقصر من أن تضيعها هباءً؛ بسبب حالتك الذهنية وأحاسيسك.
المبدأ الرابع هو: السلوك، وهو ما تفعله، أي التصرف. فإذا كنت تحب عملك فسيكون أداؤك قريباً إلى درجة ممتاز، والعكس صحيح. فالنتيجة التي تصل إليها هي انعكاس لتصرفك وسلوكك؛ فإذا كان سلوكك إيجابياً فالنتيجة إيجابية، وإذا كان تصرفك سلبياً فالنتيجة حتماً ستكون سلبية.
سلوكك يمكن أن يسبب تقدمك أو تأخرك، بإمكانك أن تغير هذا السلوك للأفضل، وعندها ستحدث التغيير في حياتك للأفضل أيضاً.
وأخيراً.. دعني أسألك: هل قرَّرت أن تتحكم في ذاتك؟ أن تتحدث إلى ذاتك بطريقة إيجابية؟ أن تقوي اعتقاداتك؟ أن تسيطر على أحاسيسك؟ أن تعدل سلوكك؟..
إذن ابدأ من اليوم، عش حياتك بالأمل، توقَّع الخير، حدِّد أهدافك، واجه التحديات، توكل على الله، اصبر فإن الله مع الصابرين، اعمل واجتهد فإن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملاً.