من يقرأ شروط برنامج حافز التعجيزية، يصاب بإحدى حالتين، إما السخط وعض لسانه من القهر، أو الضحك الهستيري، وهي الحالة التي أصبت بها، بعدما أكملت قراءة إعلانهم على مساحة صفحة كاملة في الصحف، ولا أعرف إن كانت الصفحة الإعلانية مدفوعة من مخصصات البرنامج أم لا؟
المضحك المبكي أن كثيرًا من المواطنين والمواطنات هم ممن أنهوا دراساتهم قبل خمسة عشر عاماً، وأهلكهم البحث عن وظيفة طوال هذه السنوات المرَّة، بكل ما فيها من الحاجة وذل السؤال، ثم ظهرت شروط حافز (الفذلكية)، لتقول إن العمر يجب ألا يتجاوز 35 عاماً، تخيلوا يا سادة يا كرام، أن امرأة حصلت على الشهادة الجامعية في سن الثالثة والعشرين على أفضل تقدير، وبحثت حتى (داخت) عن وظيفة تشبه (لبن العصفور) لكنها لم تجدها في أحد أغنى بلدان العالم، وحينما سمعت عن برنامج حافز تهللت فرحاً، وهي تقول لنفسها: جاك الفرج يا نورة! وتنفض غبار أوراقها كي تقدمها، وتفتح حسابا بنكياً، مع أن ما عندها نقود (كعادل إمام الذي يسدد فواتير التلفون مع أن ما عنده تلفون!). المهم أن الصحف نشرت إعلان حافز المضحك عن شروط القبول، فاكتشفت السيدة أنها خارج نطاق التغطية، لأن عمرها 36 عاماً، تنفست بعمق، وماتت!
لا طبعاً، هذه نهاية مفتعلة لقصة مملة، الأفضل أن نقول بأنها تنفست بعمق ووقفت أمام المرآة، وبكت.
أليس الإنسان في جميع أنظمة العمل بالعالم قادر على العمل حتى سن الستين عاماً؟ إذن لماذا يمنح المواطن إعانة البطالة حتى بلوغه سن الستين عاماً؟ فماذا ستفعل امرأة تجاوزت السن المحددة في الإعلان دون أن تجد وظيفة، وكلنا نعلم أن فرص الوظائف التعليمية (تم تجفيفها) على مدى عشرين عاماً مضت، إلا من رحمته الواسطة، لذلك من الطبيعي أن خريجات فترة قبل الخمسة عشر عاماً لم يفعلن شيئاً سوى الانتظار، والآن بعد حرمانهن من حافز، ماذا يفعلن بربكم؟ هل يبعن عند إشارات المرور؟ أم يفتحن (بسطة) على الأرصفة، بعد أن حرمن من حقهن؟.
كنت أظن أن البرنامج سينقلنا ولو خطوة صغيرة إلى أنظمة الدول المتقدمة، التي لا ترضى أن يتسول شعبها، خاصة إذا كان شعباً فيه من العزة والكرامة الكثير، لذلك أتمنى أن تتدخل القيادة بشكل مباشر، وتنقذ المواطنين والمواطنات من البطالة القاسية، وتلغي هذه الشروط التعجيزية، خاصة فيما يتعلق بالسن، ومدة الالتحاق بالبرنامج، التي يفترض أن يبقى المواطن ضمن البرنامج إلى سن الستين عاماً، خلالها تسعى وزارة العمل توفير له فرص العمل، ويحق له أن يرفض إذا ما كان العمل غير مناسب له، وله الحق في رفض ثلاث فرص تمنح له قبل أن يتخذ القرار بإبعاده من البرنامج، أما محاصرة المواطنات وتقييدهن بهذا الشكل فهو أمر محزن ومؤثر مما قرأته في انطباعات الكثيرات، فيجب الأمر على الوزارة التي صنعت هذه الشروط، والتدخل فيها بشكل مباشر، إن لم تحاسب على هذه الإعلان الذي أشعرنا أنه لم يعد ثمة أمل في أي شيء!.