إن جعلته حكما..
أو اتخذته شاهدا..
أو اعتمدت عليه ناطقا عنك..
أو لجأت إليه حدا بين صادق وكاذب..
أو شاهد وغائب...
وذي حق وباطل..
فهو الصامت الصادق..
جلي الحجة ناصع البرهان..
حده صارم..
ونطقه حد..
وقوله فعل..
وفعله برهان.
إذ الميزان لا يخطئك..
ولا تغلبه..
يشهد فشهادته حق..
ويعدل فموقفه دليل..
لكنه يحرجك إن شككت في صدقه فهو ذو دقيق شفيف، لا تبدله الوجوه، ولا تخضعه غايات الشخوص..
فلا ميزان يميل مع هوى، ولا ميزان تميل كفته مع باطل..
فهو خير الشهود، وأصدق الحدود، وأبلج البراهين، وأنطق الشهادات..
إلا ميزان الإنسان في قوله وفعله.. يميل مع أهوائه، ويشهد بما يريده..
ما لم يكن على تقوى, فلا يختان في قلبه بنية، ولا في مسلكه بعمل..
وإلا فالإنسان من دون هذه التقوى سهل عليه أن يثلم الميزان, وبسير عليه أن يغش في المقاييس..
وهين عليه حين تحكم ميزانه أن ينطقه بما يشاء..
ذلك ميزان الإنسان لا ميزان التقي..
وكفته، لا كفة الخلق..
ألا ترون كم من مقاييسه قد غش في وزنها الإنسان، ليكتال على الناس بغير عدل..؟
إذ كلما بعد الإنسان عن أعمال قلبه، وبدنه، وعقله، ووجدانه ونفسه عن الإيمان.. ضلت كفة ميزانه، وغش نفسه قبل غيره في مقاييسها، وبطلت براهينه.