أيام قليلة تفصلنا عن صدور ميزانية العام القادم والتي يتوقع أن يستمر الإنفاق الحكومي فيها بنفس وتيرة السنوات التي سبقتها حيث شكل الإنفاق على المشاريع فيها أكثر من أربعين بالمائة غير أن ما ينتظر في العام القادم هو الوصول لمرحلة ظهور الحلول لملفات مهمة بدأ العمل على معالجتها منذ سنوات.
ولعل أولها هو البطالة وتقليص نسبها بنسب كبيرة خصوصا أن أعداد المؤهلين لسوق العمل في ازدياد سواء من خريجي الجامعات والمعاهد والكليات التقنية والمهنية أو المبتعثين فحجم الوظائف التي سيتم الموافقة على اعتمادها بميزانية العام القادم للقطاع الحكومي أو التي يتوقع أن يوفرها القطاع الخاص المعتمد على الإنفاق الحكومي بشكل مباشر وغير مباشر سيكون له الأثر الكبير في الانطلاق نحو تحقيق هدف تخفيض نسبة البطالة إلى مستويات اعتمدت بخطة التنمية الحالية والمؤمل أن تصل إلى ما دون خمسة بالمائة ولتوطين الوظائف وفتح فرص وظيفية جديدة أثر كبير بالاقتصاد الوطني وإيجابيات عديدة.
أما الملف الآخر فهو الإسكان والذي قدمت له حلول كبيرة في هذا العام توج بإنشاء وزارة للإسكان مع دعم للصندوق العقاري ورفع لسقف القرض المقدم منه وبناء خمسمائة ألف وحدة سكنية على مراحل لكن بالتأكيد فإن هناك جوانب أخرى يحتاجها قطاع الإسكان من المفترض أن تتعاطى معها الميزانية كتوفير الخدمات للنطاق العمراني للمدن ومايحتاجه القطاع السكني من دعم إضافي ليتم الإسراع بإنشاء الوحدات السكنية من القطاع العام والخاص وخفض المدة الزمنية لغلق فجوة الطلب والتأثير على الإسعار هبوطا كي تتناسب مع مختلف شرائح الدخل. ويعد ملف التضخم أحد القضايا الملحة في المعالجة الاقتصادية خصوصا في ظل الطلب الكبير بالاقتصاد وتأثير تراجع سعر صرف الدولار وانعكاس ذلك في السلع المستوردة فزيادة الإنفاق الحكومي تحرك الطلب صعودا لكن لابد أن يكون مترافقا معه زيادة بالاستثمار المحلي لزيادة إنتاج السلع والخدمات وهو ما يفترض أن يؤخذ بعين الاعتبار لكي يكون من أهم انعكاسات الميزانية جذب الاستثمارات وتوطين رؤوس الأموال في الصناعات والخدمات وتسهيل عمليات الائتمان المصرفي لإنشاء كيانات إنتاجية أو توسيع طاقة القائم منها حتى يتقلص الاعتماد على الاستيراد خصوصا إذا ماتم استكمال جاهزية المدن الصناعية والاقتصادية لرفع مستوى الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد الوطني ولعل تصريح معالي وزير المالية مؤخرا بأن المدن الاقتصادية ستحظى بتركيز أكبر لدعمها يعطي إشارة إيجابية نحو تفعيل دور تلك المدن بوقت أقصر من المتوقع لكي تساهم بخطة التنمية الاقتصادية وانعكاساتها على جذب الاستثمار وزيادة الإنتاج وتوفير الفرص الوظيفية فارتفاع الأسعار أصبح عاملا مقلقا يؤثر على إنفاق الفرد والمعالجة لابد أن تأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب المؤثرة في إنفاقه وقدرته الادخارية.
من المؤكد أن الملفات الاقتصادية التي تتناولها الميزانية عديدة وكلها مهمة لكن يبقى هناك أولويات تتطلبها كل مرحلة وتعطى أهمية أو نصيبا أكبر من التركيز.