كانت الجامعة العربية إلى عهد قريب رجلا مريضا لا يعول عليه بشيء، فشلت في كثير من أدوارها السياسية وفقدت الشعوب العربية ثقتها بها، تم اختبارها في عدة تحديات واجهت الأمة العربية، ولكنها فشلت في أن تلعب دورا مؤثرا ومقنعا، ولعل أهم حدث تم اختبارها فيه هو قرار تدخل القوات الأجنبية لتحرير الكويت من الغزو العراقي، وفي قمة عقدت من أجل هذا الغرض عرقلت أصوات ناشزة الجامعة من أن تصدر قرارا بالإجماع لتحرير الكويت، مما يعني أن تلك الأصوات تعارض تحرير الكويت، وكانت الأصوات المؤيدة تقريبا مساوية للأصوات المعارضة وانتزع قرار الموافقة بطريقة دراميتكية بالأغلبية وليس بالإجماع فقد وقف بعض (الزعماء) ضد تحرير الكويت في قمة غابت فيها العقول وتطايرت (الصحون) بين بعض الزعماء !!
هذه الأيام الجامعة العربية تنتفض لتقوم بدور حيوي ومشرف تجاه ما يحدث في سوريا، تدرجت في قراراتها وكانت حازمه، تأخر تدخلها لكنه كان صارما ومباشرا، لم تطغ عليه أساليب المجاملات والدبلوماسية المعهودة مما جعل الكل ينتظر تلك الاجتماعات ويعجب من هذا الإجماع العربي (الرسمي) الذي يريد فك رقبة شعب من يد خانقه ! وهذا ما يجعل المواطن العربي يعيد ثقته بالجامعة ويمتنع عن سحب أرصدة الثقة فيها فتلك القرارات التاريخية أعطت قوة لها وللقرار العربي الرسمي وللوحدة العربية التي تستمد قوتها من قوة الجامعة التي واجهت النظام السوري بكل حزم وعلقت عضويته بل ودعت الدول إلى سحب سفرائها من سورية، وأحداث سوريا أثبتت إن ضعف الجامعة كان منها وفيها ! وان قوتها الآن هي لزوال سبب الضعف والذي كان بحسب رأيي في زعماء عرب ابتعدوا الآن عن الساحة بطرق شتى، وكانوا هم من يضع العصا في العجلة لكي لا تدور، لقد تحررت الجامعة العربية كما هو واضح من زعماء كانوا يشقون عصا الإجماع العربي! وقديما قيل إذا عرف السبب بطل العجب ! لذلك فقد خلا الجو لـ (الزعماء) العرب الذين عرفوا بوطنيتهم وعروبتهم وقوميتهم في أن يسهموا بدورهم بعد أن كان بعض الزعماء يعرقلون جهود الجامعة العربية ويثبطون عزيمتها وهاهي الأحداث تثبت أن الجامعة تستطيع أن تقوم بدورها العربي، وعلينا ألا ننسى إن موقف الملك عبدالله بن عبد العزيز الغيور على الشعب السوري الشقيق فتح المجال أمام الكثير من الدول ليشجعها على اتخاذ مواقف مشابهة، بل وحمل الجامعة مسؤوليتها، ولأن الشعوب العربية هي التي أسقطت أولئك الزعماء الذين كانوا عبئا على بلدانهم وعلى الجامعة العربية، فلابد من كلمة شكر لتلك الشعوب التي ساهمت دون قصد بإعانة الجامعة العربية على أن تقوم بدورها المنتظر منها !
alhoshanei@hotmail.com