هل تتذكّر عزيزي القارئ متى كانت آخر مرة قمت من مكانك لتغيّر قناة التلفزيون، أو آخر مرة استخدمت هاتف العملة، أو آخر مرة استخدمت طامساً (مصححاً) لتصحيح خطأ طباعي، أو آخر مرة استخدمت الطباشير (إن كنت معلماً)، أو آخر مرة أخذت فيلماً إلى السوق لتقوم بتحميضه، أو أخر مرة تناولت قلماً لتحرّر رسالة إلى صديق لك. لا أظنك تتذكَّر كل ذلك، فالعالم يتغيَّر اليوم بشكل متسارع وغير مسبوق، بل إن المهن الخمس الأكثر طلباً في سوق العمل اليوم لم تكن موجودة على الإطلاق في بداية التسعينيات الميلادية. اليوم بوصول الطالب الجامعي إلى السنة الرابعة الجامعية تكون كثير من معلوماته في السنة الأولى الجامعية منتهية الصلاحية. ماذا يمكن أن يفعل المسؤولون عن التربية والتعليم أمام تلك التغيُّرات الهائلة الجارفة. من المؤكّد أن الحل لن يكون في ضخ مزيد من المعلومات في أدمغة الطلاب (يدرس طلابنا في الصف الأول ثانوي ما يقارب 20 مقرراً، في حين يدرس نظراؤهم في فنلندا ما لا يزيد عن 8 مقررات)، ومن المؤكّد أيضاً أن الحل لن يكون في الانتظار حتى يأتي التطوير المنشود، فالوقت لم يعد في صالحنا والعالم لن ينتظرنا. ولعلنا هنا نتذكّر مشروعنا التعليمي العظيم المنتظر «تطوير»، الذي يبدو أنه يزحف أحياناً ويتعثر أحياناً أخرى. سنعرض مستقبلاً تصوراً لملامح الحل التعليمي في عالم سريع التغيّر.