في السعودية يسهل تماما التعامل - إن وجد - مع أي قرار يحمل إقالة مدرب ما سواء على صعيد المنتخبات أو الأندية لذلك تتطاير الرؤوس التدريبية كل شهر تقريبا دون أن يكون هناك قراءة فاحصة لمضامين تلك القرارات بعد أن أصبحت عادة سيئة وممرا آمنا للاحتواء الإعلامي والجماهيري وأحيانا الشرفي دون النظر لاعتبارات خطورة تفشي ذلك الأمر..!!

الأسبوع الماضي شهد ثلاث إقالات متتالية بدأها الاتحاد بإقالة البلجيكي ديمتري ثم النصر بإقالة الأرجنتيني خوستافو كوستاس وبينهما تمت اقالة يوسف عنبر من تدريب المنتخب الأولمبي..!!

داخل الأندية تتم إقالة المدربين عادة بقرارات فردية بحتة أوتحت ضغوط جماهيرية وإعلامية، لذلك يبتعد المدرب فترة ثم يعود إلى فريق آخر أو نفس الفريق بطريقة كوميدية مضحكة تؤكد أن مسافة شاسعة تبعدنا عن النظر للمستقبل وإن جلّ اهتماماتنا بأشياء وقتية تسلخ من جيوب الأندية وشرفييها ورؤسائها مئات الملايين دون طائل، كما حصل للنصر مثلا الذي يريد ان يحقق بطولة بأي ثمن دون أن يعي واقعه وأن الاهتمام بالتدرج الفني أفضل من القفز لتحقيق احلام بعيدة المنال..!!

في المنتخبات لدينا مرض أستطيع ان اسميه (مغص التخطيط) فبمجرد اعلان خطة ما يتم وصفها بالتاريخية وأنها جاءت بعد دراسات وبعد أول مطب يتم قلب الطاولة والبحث عن خطة اخرى، كما حدث مؤخرا بعد إقالة عنبر فقد تم دمج منتخبنا الرديف مع الأولمبي وجاء في القرار إنه تنظيمي بحت ووفق توصيات المستشارين..!!

هكذا ببساطة تغيرت الخارطة التنظيمية وستتغير لاحقا لأننا لم نحدد الهدف الحقيقي للمرحلة المقبلة ولأننا وهذا المهم لا نملك خطة بعيدة المدى للتطوير، فالمنتخب الأولمبي لديه خياران إما التأهل للأولمبياد أو الفشل لذلك لا أرى مبررا واضحا يجعل من خروج المنتخب او لنقل قرب خروجه يعيد الترتيب الذي من المفترض ان إدارة المنتخبات أخذته بالاعتبار سابقا دون أن تلمع خططها السابقة ومن ثم تصف أي خطوات تكشف الفشل بأنها خطوات تنظيمية..!!

ما المشكلة إن خسرنا أو لم يحالفنا التوفيق بأية بطولة فالفائز في النهاية واحد ؟؟

مشكلتنا في التخطيط.. نعم التخطيط فقط..!!

دعوني أثبت لكم من زاوية أخرى..!!

قرر الاتحاد السعودي توسيع لجانه وزيادة عدد أعضائه إلى (111) عضوا وتم وصف القرار بالتاريخي وبأنه جاء مواكبا لآلية العمل بالفيفا وبعد أشهر قليلة جدا تم نسف نصف العدد من اللجان ونسف نصف عدد الأعضاء وأيضا تم وصف القرار بأنه إعادة تنظيم وتطوير للعمل..!!

نحن عاطفيون جدا وليس لدينا علاقة مع العمل المؤسسي البعيد المدى، بل حتى نرفض ان نتعلم أو نكون أكثر شجاعة بالتغيير العناصري لأعضاء مطبخ القرار لذلك نعاني من فوبيا (المغص) الذي نطارده بالمسكنات والمتناقضات والقرارات الغريبة التي لا يعرفها الكثيرون حتى من داخل رحم المسؤولية إلا عبر الصحف..!

الأشياء النظرية والفلسفة بالتعبير قدرات يستطيع الكثيرون إتقانها، لكن المحك الأساسي هو في القدرة على مواجهة اي واقع لصالح اكتمال منظومة تخطيط تم الاتفاق عليه وبثه على انه الأمثل والأكمل والأحلى..!!

أمران مهمان جدا أقترح ان يتم العمل بهما قبل فوات الأوان من قبل الأمير الودود نواف بن فيصل وهما العمل على توسيع دائرة صناعة القرار والاستشارة لما هو أبعد من الوضع الحالي والاقتراب أكثر من رؤساء الأندية الميدانيين والأمر الآخر سرعة الاستعانة بخبراء دوليين لتأسيس العمل في لجان الاتحاد السعودي ونقل الرياضة السعودية لعالم التقنية السريع عبر البرامج الرابطة بين كل أطياف المؤسسة الرياضية..

هذان الاقتراحان لا يعنيان إلغاء جهد أحد أو أهميته، بل لأن الواقع يؤكد أننا بحاجة ماسة لهما أكثر من أي وقت مضى وكفاية (مغص)..!!

قبل الطبع

اتخاذ القرار الصعب أسهل كثيرا من التفكير فيه..!!