|
ميامي - الجزيرة
عقد المؤتمر السنوي الخامس والخمسون للاتحاد الدولي للمحامين UIA بمدينة ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد شهد المؤتمر العديد من الفعاليات أبرزها حضور ضيف الشرف على المؤتمر الذي تمّت دعوته من قِبل الاتحاد الدولي، وهو وزير العدل السعودي معالي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الذي سلّط الضوء على التطور القضائي بالمملكة، مؤكداً أنّ الركيزة الأساسية للقضاء السعودي هي الشريعة الإسلامية التي يستمد منها أحكامه التي تتناسب مع كل زمان ومكان، حيث إنها تتقبّل التطوير وتتماشى مع تسارع الأحداث والمتغيرات مع الاحتفاظ بثوابتها التي لا تقبل المساومة.
كما أوضح معاليه أن القضاة مستقلون تماماً ولا دور للوزارة عليهم، إذ إنّ المجلس الأعلى للقضاء هي الجهة المنوط بها ما يتعلق بتعيين وتنقلات ومساءلة القضاة، وقد سلّط معاليه الضوء على التطور الواضح في القضاء والخطوات التي اتخذت لتطويره وفق أُسس سليمة كانت نتائجها إيجابية. موضحاً معاليه أنّ المملكة بفضل الله حصلت على المرتبة الأولى في التسجيل العقاري على مستوى العالم، واستحقت بموجب ذلك شهادات عالمية في هذه المجال، كما كشف أنّ الترافع الإليكتروني أمام المحاكم سيرى النور خلال المستقبل القريب جداً، موضحاً أيضاً بأنّ اختصاصات المحاكم حددت كُل في مجال اختصاصه النوعي والقضاء، فهناك محاكم عامة وجزئية وتجارية وإدارية وعمالية وقريباً جداً محاكم مرورية.
وتناول معاليه اختصاصات تلك المحاكم، وكيف أن القضاء السعودي سبق غيره في معالجة كثيرٍ من الأمور التي لازالت تعاني منها العديد من الدول، مثل إعطاء القضاء الحق في التدخل في العلاقة العقدية بين المتعاقدين في حال كان العقد مرهقاً على أحدهما وذلك لرفع الضرر عنه، وكما هو في مبدأ التعويض في القضاء الإداري، فالمنفعة العامة ومصلحة الجماعة والقرارات السيادية وإن كانت مقدمة على مصلحة الفرد، إلاّ أنّ ذلك لا يعني الإضرار به بل أعطى الحق له بالتعويض إن كان له موجب دون تحديد سقف للمطالبة كما في أنظمة كثيرٍ من الدول المتقدمة.
كما كشف أنّ محاكمة المتهمين بقضايا الإرهاب تتم أمام المحاكم المدنية، وهو ما لفت نظر الحضور - إذ تزامن حديثه مصادفةً عن هذه الجزئية مع محاضرة ألقاها أربعة محامين مختصين بالقانون الجنائي الدولي نوقشت خلالها التجاوزات التي تحدث في محاكمة المتهمين بقضايا الإرهاب أمام اللجان العسكرية (كما في غوانتانمو) ومخالفة تلك المحاكمات للقانون الجنائي الدولي بشكلٍ سافر - فبيّن معاليه أنّ هؤلاء المتهمين بتلك الجرائم الخطيرة والذي يخرجون عن وجدان الأمة لم يتعسف النظام في حقهم، بل كَفلَ لهم المحاكمة العادلة أمام محاكم مدنية تحفظ حقوقهم من الانتهاكات وتعطيهم الحق بتعيين محامين للدفاع عنهم، موضحاً معاليه بأنّ المحاكمة تتم علانية أمام الإعلام للاطلاع على الخطوات والإجراءات المتخذة بالمحاكمة، وللمحكمة المدنية طلب أي مستند أو ثبوتيات من الجهات الحكومية، ولا يمكن لتلك الجهات التذرع بسرية تلك المعلومات أو المستندات كما في اللجان العسكرية التي تحدث في كثيرٍ من الدول (وهو ما كان ينادي به المحامون المختصون بالمحاضرة المشار إليها من أن نظر ذلك النوع من القضايا أمام اللجان العسكرية يعتبر خرقاً واضحاً للقانون الجنائي الدولي).
كما تحدث معاليه عن قانون الأحوال الشخصية موضحاً انفراد قضاء المملكة بوضع خطوة أولى قبل اللجوء للقضاء للمحافظة على الأسرة كنواة للمجتمع، وذلك بإسناد مهمة التوفيق والإصلاح والتسوية لجهة مستقلة خارج المحكمة - كون المحكمة لا يمكن أن تكون جهة تسوية كما هو متعارف عليه - وقد نجحت هذه الفكرة عملياً بأن انخفضت نسبة القضايا الأسرية لأكثر من (40%) مما يعرض على المحاكم.
وفيما يخص التنفيذ فإنّ القضاء اتخذ موقفاً حازماً تجاه من يماطل في تنفيذ الأحكام، بأن أعطى قاضي التنفيذ صلاحيات واسعة للحجز على ممتلكات المدين المحكوم ضده، فضلاً عن أنّ تنفيذ الأحكام الأجنبية لا سلطة للقضاء عليها سوى فيما يخص تماشيها مع النظام العام للدولة، وما دون ذلك فلا تدخل للقضاء في موضوع تلك الأحكام، واختتم معاليه كلمته بأنّ القصور والخطأ وارد في أي نظام ولا ندّعي الكمال في قضائنا.
وأكد الدكتور العيسى بأنّ حرية الإنسان كفلها النظام المستمد من الشرع، وبالتالي فحصانة المحامي هي أساساً مصانة قبل اكتسابه لرخصة المحاماة، وبإجابة معاليه حول نقابة المحامين أوضح بأنّ المحامي السعودي ولله الحمد احتل مراكز متقدمة مع زملائه المحامين، واكتسب ثقة محلية ودولية، وأصبح المحامي السعودي «عابر القارات»، ووجود اللجنة الوطنية للمحامين تشكِّل نقابة مصغّرة للمحامين تقوم الوزارة بالإشراف الداعم لها لتحقيق أهدافها.