أشرت في مقال سابق عن بدايات النقد على المستوى العالمي عامة والعربي خاصة وكيف قوبل بالرفض من فئة تخشى أن يكشف النقاد عيوب منتجها الفني، مع ما أشرنا إليه من سبل الاستعداء، سنتطرق اليوم إلى بعض من الأساليب التي يسعى أولئك المعادين للنقد نشرها في المجتمع التشكيلي، اخترعوا لها فيروسات، منها المسالم ومنها المؤذي، هيئوا لها بيئات خاصة، تظهر أعراضها في من تصيبه على شاكلة رهاب وكراهية تجاه النقد، تحتاج إلى قوة مناعة قوامها الوعي بأهداف من يقوم على نشرها.
فالفيروس المسالم يجعل الفنان في حالة تخدير، يقبل المجاملة، ويستسلم لأي مديح من افراد ليس لديهم من التجربة او الخبرة شيء يذكر، وإن كان لهم حضور.. ففي زوايا مظلمة، يسعون إلى تغييب وعي من يستمع لهم بالإيهام إنهم أصحاب تجارب تؤهلهم للنقد والإيحاء إن أعمال هؤلاء المستسلمين، متميزة خالية من العيوب، رغم رداءتها بتوجيه خاطئ، إلى أن يوقظهم نقد حقيقي يعيدهم إلى وعيهم.
أما الفايروس الآخر فهو أكثر عدائية، يمكن وصفه بالمؤذي والأشد خطورة، يقوم من ينشره بتشويه الآراء التي تخالف رأيه أو رأي من يسهم معه في أمراض الساحة، بالتقليل من أهمية النقاد وما يأتي منهم من نقد شفهيا كان أو عبر مقال، يحدث هؤلاء بهذا الفايروس نوع من الشك في أولئك النقاد رغم أنهم أهل له، خدموا بنقدهم أجيالا تلو أجيال بشهادة أساتذة مخضرمين (والميدان مساحة مفتوحة للمناظرة) أثار هذا الفايروس حالة من عدم الاتزان خصوصا لدى الأجيال الجديدة التي تحتاج للرأي المبني على أسس وخبرات وتجارب حقيقية من مخضرمين تعايشت مع مختلف مراحل التبدل والتجديد في الساحة تعي القيم الفنية التي يجب أن تكتمل في أي عمل، لا ينظرون للقشور والنهايات بقدر ما ينغمسون بخبراتهم في كل جزء من العمل, بدراية ورصد ومتابعة لمراحل الفنان.
يتبع الأسبوع القادم
monif@hotmail.com