الآفة الخطيرة التي تهدد الدول والمجتمعات والإنسانية هي المخدرات وما أنتجته من قتل وفساد وضياع وإتلاف للأموال وتفكك أسري وشتات اجتماعي وغزو إنساني للعقل والجسم والنفس، يحتم على الحكومات والمنظمات والجمعيات مواجهة هذا الخطر بكل الوسائل والطرق التي تحمي الأوطان والإنسان.
وعند الحديث عن مكافحة المخدرات في وطننا الغالي بقيادته الرشيدة أجده مرتكزا على ثلاثة أركان أساسية:
الركن الأول: القوة الأمنية متمثلة بوزارة الداخلية وقيادة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي جعل هذه القضية من أولويات اهتمامه فتشكلت القطاعات الأمنية واللجان الوطنية التي تحمي الوطن والمواطن وما يصدر من بيانات إعلامية متتابعة توضح الجهد الأمني المكثف لمحاربة المفسدين والمروجين والمهربين وتبين حجم خطر هذه القضية، فلا تهاون معهم بل هناك اليد القوية التي تحصدهم وتبطل شرهم، وهذا الركن بذلت له الأموال والجهود بل والأنفس من رجال أمننا الشهداء في هذا الميدان حماية ودرعا حصينا ضد المفسدين، فتحية إكبار لكل القطاعات الأمنية وعلى رأسها المديرية العامة لمكافحة المخدرات وحرس الحدود والجمارك وجميع القطاعات الأمنية الأخرى.
الركن الثاني: ويتمثل في الجانب الوقائي والتوعوي وتتسابق البرامج والمؤتمرات والاجتماعات والندوات والشراكات يوما بعد يوم لتوعية أفراد الوطن والمجتمع ومؤسساته في تعاون مثمر بين المديرية العامة لمكافحة المخدرات والجهات المعنية كالجامعات ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات والتوعوية، وما يصاحب ذلك من برامج إعلامية متنوعة ترفع مستوى الوعي في خطورة هذه الآفة والتحذير منها وأضرارها الجسيمة ولعل الصفحة التي انطلقت في صحيفة (الجزيرة) والمختصة بهذا الجانب لهي من أبرز وأقرب الجهود في هذا المجال، ومن المهم أيضا مشاركة القطاع الخاص في المساهمة في برامج التوعية ومضاعفة الجهود الإعلامية واستخدام كل الوسائل مثل التلفاز وخاصة أنه قريب من الأسرة وتتوفر فيه عوامل الجذب والإثارة، كذلك من المهم الاقتراب من أماكن تجمع الأسر وخاصة الأسواق والمنتزهات العامة والاستفادة من المناسبات والاحتفالات العامة في تهيئة المعارض والمنشورات والبرامج الترفيهية والثقافية والمسابقات التي توصل الرسالة بأسلوب مميز وجاذب، وما يبذل من إدارة الشؤون الوقائية من جهد لهو جهد مبارك ومميز فلهم منا الدعاء والتقدير.
الركن الثالث: يتعلق بالمعالجة والتأهيل والمتابعة ولعل هذا الركن يعيش شتاتا بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها، وإن الجانب الوقائي والتوعوي الذي حقق أهدافه في مضاعفة أعداد التائبين والمقلعين والراغبين في العلاج يتحتم على الجهات ذات العلاقة رسم خطط وبرامج تستوعب هذه الأعداد وتؤهلهم وتتابعهم حتى ينتقلوا إلى بر الأمان والسلامة، بدءا من المصحات العلاجية وتهيئتها ومضاعفة أعدادها وحسن الرعاية فيها ثم في تأهيل المتعافين بشكل صحيح وببرامج واضحة ومدعومة وانتهاء بالمتابعة، ومما يسرنا جميعا ما بادرت به المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السنوات الأخيرة من اهتمام واضح بالمتعافين وتهيئة البرامج لهم، ومن أبرز تلك البرامج: تحجيج المتعافين كل عام مما كان له الأثر البالغ في تعزيز معالجتهم وتركهم للتعاطي، ولعل من المهم تكوين إدارة مستقلة ترسم الخطط والبرامج لهم وتسهل العقبات التي تواجههم وتقوم بالمتابعة مع الجهات ذات العلاقة مثل: القضاء والشرط والهيئات والمصحات والجمعيات، وتقوم بدراسة أوضاعهم الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والأسرية والوظيفية، وتقوم بالتنسيق مباشرة مع الجهات لتعجيل سرعة معالجتهم واحتوائهم وتخفيف معاناة الأسر من خلفهم.
أخيرا: أتقدم بالشكر الجزيل لكل القطاعات الأمنية والصحية والاجتماعية والنفسية والخيرية التي جندت نفسها لمحاربة هذه الآفة وحماية المجتمع منها.