بقلوب بحمد الله ملأها الإيمان بقضائه وقدره وسنته في خلقه اختار سبحانه وتعالى إلى جواره الوالد القائد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، رحل عن هذه الدنيا الفانية الى دار الخلود وقلوب الملايين من أبناء الشعب السعودي والعربي وأبناء الأمة الإسلامية جمعاء اعتصرها الألم بفقدانه جسداً لإيمانهم العميق بأن سلطان الخير لايزال بينهم بعطائه وسخائه وكرمه وحسن خلقه فتراهم يرددون قول الشاعر:
تـراه إذا مـا جـئـتـــه مـتــهـللاً
كـأنك تعطـيـه الــذي أنت سـائلـه
الفقيد الغالي يحتاج إلى مجلدات للحديث عن سيرته العطرة؛ فلقد افتقدت السياسة وافتقد الوطن والمجتمع سلطان بن عبدالعزيز صاحب الأيادي البيضاء كرماً وجوداً وإحسانا؛ فهو الذي لم يترك زاوية من زوايا الحياة إلا وترك بها بصمة لا تكون إلا لسلطان فقط، رحل رجل العطاء وبقيت أعماله شامخة، بقي بذله وسخاؤه مبتسماً على شفاه الكثيرين ممن وقف بوجه عدوهم (الفقر والجوع) حيث كان (رحمه الله) العدو اللدود للفقر والجوع، وهو الرجل الذي جعل الدفاع السعودي قوة نفخر بها كسعوديين في الشرق الأوسط بل في العالم, فبحكمته (رحمه الله) حافظ على العلاقات العربية والسياسية والإسلامية والعالمية، وكان (رحمه الله) أمين السر لكل إخوانه الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله- وشارك معهم في العديد من المؤتمرات العالمية والعربية والخليجية وعضدا أيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أبقاه الله ذخرا وملاذا.
حقيقة تصعب على الإنسان؛ أيا كان ومهما أوتي من قوة في بلاغة سبك الكلمات والعبارات أن يكتب عن سلطان الخير؛ فمهما قيل ويقال عن الأمير سلطان بن عبدالعزيز كرجل دولة ورمز إنساني لا يعطيه حقه قياسا بما قام به (رحمه الله) من إنجازات لا تعد ولا تحصى؛ فهو ثروة كانت زاخرة ومتجددة من الخبرات والتأهيل والإنسانية والعطف فقدم الدعم السخي لكثير من المراكز العلمية والطبية والأكاديمية التي تعنى بالطفل وذوي الاحتياجات الخاصة داخل المملكة وخارجها، وقدم المساعدة لفقراء المسلمين في بقاع العالم، وخدم العلم من خلال العديد من الكراسي العلمية في الجامعات داخل الوطن وخارجه، فستظل ذكرى فقيد الوطن كرمز من رموز هذه الدولة طرازا فريدا تحقق من خلاله الكثير من المعطيات التي ستكون نبراسا لأجيال قادمة؛ فعندما يختار الله الى جواره أي إنسان تطوى صفحته من الدنيا الا العظماء الذين تركوا بصمات ملموسة ومضيئة في هذه الدنيا، وسلطان الخير منهم، إن شاء الله.
عزاؤنا أن ذكراه ومنجزاته ستبقى خالدة وسيسطرها التاريخ بمداد من ذهب؛ فقد رحل جسدا وبقي أثراّ ونحمد الله انه خلًف أبناء بررة سيواصلون مسيرته العطرة في البذل والعطاء والسخاء.. أسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وان يحفظ لنا قائد مسيرتنا الوالد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وكافة أفراد الأسرة المالكة، وأهل هذه البلاد الطيبة، وان يحفظ لنا امننا وأماننا والحمد لله على قضائه وقدره.