برغم أن الشيك يعد من أقدم الأوراق المالية ظهورا وأكثرها شيوعا واستخداما وسط المواطنين ومجتمع التجار في تعاملاتهم المختلفة، إلا أن الكثيرين يخطئون في التعامل معه، وذلك من خلال اعتباره أداة للضمان، بينما الوظيفة الأساسية التي قام عليها الشيك هي الوفاء بالالتزامات المالية وأن يجري مجرى النقود في المعاملات، ونظام الأوراق التجارية قد حدد هذه الوظيفة للشيك بشكل واضح لا لبس فيه، بل ذهب إلى أكثر من ذلك وجعل التعامل مع الشيك كورقة مالية ضامنة، فيه مخالفة صريحة للنظام تؤدي للعقوبة، وذلك لمبررات واقعية وعملية تكشف عنها الواقع العملي في المملكة، خاصة وأن النظام المذكور (الأوراق المالية)، لم يترك الأمر دون معالجات حيث أتاح استعمال وسائل ائتمانية بديلة تتمثل في الكمبيالات والسندات لأمر، وقرر لها الحماية النظامية اللازمة، مما يقلل الحاجة إلى اعتماد وسائل غير نظامية كأداة للائتمان.واستعمال الشيك في غير وظيفته المحددة نظاميا من قبل البعض، لا يقتصر للأسف على المواطنين العاديين وإنما حتى بالنسبة لرجال وسيدات الأعمال الذين يفترض فيهم الإلمام ولو اليسير بنظام الأوراق التجارية وبقية الأنظمة المتعلقة بمجالات عملهم التجاري، وهذه الممارسات الناتجة عن الفهم الخاطئ لطبيعة عمل الأوراق التجارية وفي مقدمتها الشيك، تسبب في ازدحام المحاكم ومراكز الشرطة بشكاوى الشيكات بمختلف أنواعها وبشكل خاص: عدم وجود رصيد كاف للشيك في البنك المسحوب عليه.
وارتجاع الشيك لعدم وجود رصيد مثل خلال السنوات الماضية تحديا للقضاة والمستثمرين في آن واحد، وعانى مجتمع المستثمرين كثيرا من هذه الظاهرة برغم ان بعضهم كان سببا في استفحالها، وخلال السنوات الثلاث الماضية بدأت الظاهرة في التقلص بسبب جهود التوعية بمخاطرها وللعقوبات المشددة التي أوقعها النظام على محرري هذه الشيكات، وبحسب بيانات شركة (سمة) للمعلومات الائتمانية فإن إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة في نهاية الربع الثالث من العام 2011 هبط بنسبة 80 في المائة، مقارنة بنهاية الربع الثالث من العام الماضي، حيث بلغ نحو 594 مليون ريال، مقارنة بنحو 2.961 مليار ريال في نهاية الربع الثالث من 2010، وهذا يعتبر مؤشرا جيدا للغاية لخلق بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، تستعمل كل ورقة مالية في مكانها الصحيح دون خلط.وبحسابات بسيطة يمكن للشخص أن يكتشف أن استخدام الشيك كأداة ضمان يفوت عليه الكثير من المصالح ويوقعه تحت طائلة العقوبات، بينما كان يمكن له أن يستخدم - مثلا- ورقة (السند لأمر) للقيام بذات دور الشيك، وفي ذات الوقت يحقق مصالحه دون أن ينتهك النظام ويتعرض للعقوبة، وفي ظني أن التوسع في استخدام السند لأمر كأداة للضمان يحقق استقرارا في بيئة العمل، فهو أداة مثلى للوفاء وللضمان معا، لكن وبسبب غياب الثقافة القانونية في مجتمعنا لا يعرف الناس الميزات النوعية لهذه الورقة التجارية ولا يزالون يتعاملون مع الشيك كأداة للوفاء وللضمان معا برغم ما يترتب على ذلك من أضرار بجميع الأطراف على نحو ما فصلنا.
وختاما إن الشيك - مرة أخرى- هو أداة وفاء مثلى كما أراد لها النظام، أما السند لأمر فهو أداة جيدة وعملية للائتمان وللوفاء، ومعرفة المواطنين ومجتمع الأعمال بهذه الفروقات واستخدام كل ورقة بالطريقة النظامية، تعد مسائل ضرورية وحيوية، للابتعاد عن المشكلات التي يثيرها الاستعمال الخاطئ، ومن الضروري أن تنشط الجهات المعنية في التعريف بميزات كل ورقة تجارية خاصة وأن التجربة العملية تؤكد ذلك الاستعمال الضخم لهذه الأوراق في الحياة التجارية وبين المواطنين في تعاملاتهم اليومية.
* محام ومستشار قانوني
abdullah@alfallaj.com