لا يمكن لنظام استمرأ تجاوز كل الضوابط والالتزامات سياسية كانت أو حتى أخلاقية أن يتقبل فكرة إرسال مراقبين للتأكد من تنفيذه للبرتوكول المبرم مع جامعة الدول العربية الذي ينص في أول ما ينص على وقف أعمال القتل اليومي التي تضاعفت في الأيام الأخيرة، ومعرفة الجهة التي ترتكب عمليات القتل.
النظام السوري الذي اعتاد تجاوز ما يعقده من تفاهمات واتفاقيات مثل ما حصل في معالجة الوضع في لبنان الذي خرجت منه قواته من الباب ليعود النفوذ السوري عبر نافذة حزب الله وتابعه الجنرال عون، أراد أن يفرغ «بروتوكول» التعاون مع جامعة الدول العربية من مضمونه، فحاول على طريقته تمديد الوقت، بإرسال مجموعة من «الشروط» التي يتطلب عرضها على وزراء الخارجية العرب ثم إرسال الرد من قبل الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لوزير الخارجية، الذي قد يتبعه برد آخر، وهكذا دواليك ليستمر قتل المتظاهرين ويكسب النظام وقتاً إضافياً يتوقع أنه سيكون كافياً لإخماد ثورة الشباب السوري..!!
هذا الأسلوب معتاد من قبل النظام السوري، الذي لا يزال أركانه يعتقدون أن بإمكانه استعمال «اللف والدوران والمناورات» لتعطيل القرارات العربية التي يحاصرها الوقت بعد أن اتسعت دائرة الدم في سوريا وازدادت الضغوط الإقليمية والدولية على الجامعة العربية لحسم أمرها، أما القابعين على رأس السلطة في دمشق فتصرفاتهم تؤكد بأنهم ليسوا بعجلة من أمرهم.. فوزير خارجيتهم يقول «ليس مهما الوقت المهم المضمون» يقصد مضمون «البروتوكول» العربي لوقف القتل.
فارق في الفهم والتوجه والنوايا، العرب ممثلين بجامعة الدول العربية يريدون إنهاء الأزمة وقطع الطريق على التدخل الدولي ووقف القتل، والنظام يريد مزيداً من الوقت لإنفاذ الحل الأمني وقمع المتظاهرين مهما بلغ عدد الضحايا وارتفعت قائمة القتلى، فنظام اعتاد تمرير مناوراته وعدم الإيفاء بالالتزامات التي يبرمها مع الآخرين لم يفق بعد من غيبوبة التفوق والاعتقاد بأنه النظام المحوري الذي لا يمكن للنظام الإقليمي أن يستقيم دون أن يكون لهم دور.
اعتقاد صدمته الثورة السورية، وأكدته عزلة النظام التي تتزايد بعد أن ضاقت الحلقة التي تطوقه فلم يبق في صفه إلا الأنظمة المنبوذة من شعوبها والجماعات المطاردة من المجتمع الدولي.
jaser@al-jazirah.com.sa