استمعت قبــل فتـرة - بالصدفة المحضــة - إلى محاضرة لشيخ متميز على إحدى الفضائيات، وقد كان صريحاً وصادقاً، وهو ما شدني لمتابعته حتى النهاية، والمؤسف أن هذه النوعية من المشايخ غير مشهورة إعلاميا، فالشهرة يحتكرها «أنصاف المشايخ» الذين لا يتورعون عن تمجيد ذواتهم، وجمع المال والمزيد منه عبر الظهور المتكرر، واختلاق القصص، والمبالغة في رواية الأحداث، وتقمص دور البطل دوما، وهؤلاء هم الذين يكتسحون الشاشات وقاعات المحاضرات بلا وجل ولا خجل، ولِمَ لا، فما دام الجمهور «المخدر» على أتم استعداد لإغلاق كل منافذ العقل، والاستماتة في الدفاع عنهم، فلا لوم عليهم إذا!.
أعود إلى شيخنا الذي تحدث عن اتصالات النساء بالمشايخ، وقد ضرب مثلا بنفسه، فقال إن شابة اتصلت به في وقت متأخر من الليل، وطلبت الاستشارة. ويضيف إنه عتب عليها، وقال لها هل استأذنت من زوجك، أو هل لديه علم عن هذا الاتصال؟، وعندما أجابت بالنفي، قال لها هل تسمحين لزوجك أن يتصل على امرأة أخرى تحت أي ظرف، وعندما أجابت بالنفي، طلب منها إنهاء الاتصال، والتحدث معه في اليوم التالي بعد أن تستأذن من زوجها!. تحدث الشيخ بعد ذلك عن هذه الظاهرة التي لم يكن لها وجود في مجتمعنا، وروى قصصاً يندى لها الجبين عن النساء اللائي يتصلن بالمشايخ، خصوصا الشباب منهم، ويتحدثن بلغة ناعمة تشبه الغزل - على حد تعبيره-.
يقول الشيخ إن امرأة قالت له ذات مرة:» إنني ارتحت لفلان»، في إشارة إلى شيخ شاب، وعندما نهرها ووبخها، قالت ببلاهة:» إنه «ملتزم» يا شيخ!. يقول الشيخ إنه قال لها: «نعم، قد يكون ملتزما، ولكن الله تعالى يقول: (فلا تخضع له بالقول فيلين الذي في قلبه مرض)»، ثم علق الشيخ بكلام لا أود نشره هنا، وباستطاعتكم استنباطه من سياق الرواية!. يؤكد الشيخ أن أساس المشكلة هو أن المرأة ترى شيخها بالتلفزيون، وقد لبس أجمل الثياب، ووضع المساحيق، وتصنع الخلق القويم، فتندب حظها عندما تقارنه بزوجها الذي لا يبدو على مثل تلك الهيئة وذلك الخلق!. لأجل هذا يقول الشيخ إنه يقول للمتصلات به من النساء:» لا يغرنكم شكلي وتصنعي أثناء ظهوري التلفزيوني، فأنا في منزلي مثل أزواجكم تماما لدي الكثير من الأخطاء، وألبس قميصا متسخا أحيانا، وأصرخ، وأتعارك إن لزم الأمر!».وكان أطرف ما رواه الشيخ هو أن امرأة اتصلت به - ذات مرة- وتغنجت بالحديث، فما كان منه إلا أن قال لها:» اكربي لسانك، فلست لك بمحرم!».
وختاما، قارنوا هذا الشيخ المتألق بالعديد من «الوعاظ الجدد»، والذين لا يتورعون عن استقبال اتصالات النساء في أي وقت، ويتباسطون معهن بالحديث، فذات مرة اتصلت إحداهن على واعظ في عقده الثالث، واشتكت له من الطبيب الذي يتحرش بها، واستمر الاتصال أكثر من ساعة تخلله الكثير من الضحك والهمس، وكنت شاهدا عليه، ولما وبخته، لم يزد على أن قال: «هي التي اتصلت». أيضا لا ننسى الواعظ الاستعراضي الذي يستقبل اتصالات النساء على الهواء، ويتغزلن به، وهو يتلذذ بذلك، بل إن بعض السذج يذهبون بمحارمهم إلى محاضراته، ولتذهب «الغيرة» إلى الجحيم.
فاصلة:
»العقل نعمة، فاستخدمه الاستخدام الأمثل».
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر alfarraj2@