اطلعت على رد للأخ الدكتور عثمان عبدالعزيز الربيعة، على صفحة عزيزتي الجزيرة، يوم الخميس 21 ذوالحجة 1432، العدد 14294، على ما كتبه الأستاذ سعد الدوسري في زاوية (باتجاه الأبيض) عن قضية تطبيق سلم الرواتب الجديد على الممارسين الصحيين السعوديين بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، أوضح فيه أن القرار لم يتخذ دون دراسة كافية، كما أن الحال لم يكن (خبط لزق) وارتجالاً عشوائياً، وأن القرار أتى لينهي معاناة الآلاف من الممارسين الصحيين الذين يخدمون الليل والنهار في غير مستشفيات التشغيل الذاتي.
***
ليسمح لي الدكتور الربيعة بإبداء وجهة نظر خاصة في هذا الشأن قد تتفق مع أن السلم الجديد أنهى بالفعل معاناة آلاف الممارسين الصحيين في غير مستشفيات التشغيل الذاتي، لكنها تختلف في نظامية إلحاق اسم مستشفى الملك فيصل التخصصي في القرار، والذي لم يكن حسب رؤيتي موفقاً لأسباب رئيسية: منها أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تم تحويله بقرار سام إلى مؤسسة عامة، وأن جميع المؤسسات العامة بالمملكة تؤسس بنظام خاص، يصدر بموجب مرسوم ملكي، ويمنح المؤسسة شخصيتها الاعتبارية، لتتمتع المؤسسة العامة بنص نظامها بدرجة من الاستقلال، ويتيح لها النظام الخاص بتنويع مواردها وبتنظيم لوائحها ومزاياها الوظيفية..
***
بناء على نظام المؤسسات العامة تم العمل خلال السنوات الأخيرة على تعديل سلم الرواتب في المؤسسات العامة مثل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، والذي وصلت زيادة الرواتب في لوائحه الجديدة إلى حوالي 50%، وشملت الزيادة أعضاء هيئه التدريس، كذلك تم تعديل الرواتب في المؤسسة العامة لتحلية المياه والمؤسسة العامة للبريد، ليتوافق مع نظام المؤسسات العامة في المملكة، لذلك ظهر قرار تطبيق سلم الرواتب الجديد على الممارسين الصحيين في اتجاه مخالف للاتجاه التنظيمي في المؤسسات العامة في الدولة، وجاء إدخال مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في قرار توحيد سلم الرواتب لا يتوافق مع القرار السامي السابق بتحويلها إلى مؤسسة عامة.
***
يظهر عدم التوافق في أن الإداريين والمهندسين وموظفي الخدمات العامة والأمن السعوديين والممارسين الصحيين العرب وغير العرب في المستشفى موظفون على اللوائح الخاصة للمؤسسة العامة، ولم يُطبق عليهم السلم الموحد لرواتب المصالح الحكومية، بينما تم استثناء الممارسين الصحيين السعوديين من لوائح المؤسسة العامة، وطُبقت عليهم سلالم رواتب المرافق الحكومية، ومن أجل أن يستقيم الأمر لابد من تعديل القرار وإبقاء ممارسي المهن الصحية السعوديين على لوائح المؤسسة العامة، أو إلغاء قرار تحويل المستشفى إلى مؤسسة عامة، وبالتالي تحويل جميع موظفي المستشفى إلى سلالم رواتب المرافق الحكومية، ويدخل في ذلك الإداريون والمهندسون والممارسون الصحيون العرب والأجانب.
***
لفت نظري ما كتبه الدكتور عثمان في رده: (أن أقرانهم في تلك المستشفيات الذين يحملون نفس المؤهل ويمارسون نفس التخصص في بيئة عمل أرقّ وأنعم من بيئة عملهم، هم الذين يحصلون على الحوافز المشجعة والرواتب العالية بحيث صار الفارق بين هؤلاء وأولئك من الضخامة بشكل لا يمكن تبريره، ولم يكن غرض توحيد الرواتب مجرد التوحيد، بأن تكون المكافأة من جنس العمل أولاً وليس من جنس مكان العمل بالدرجة الأولى)، وفي ذلك إشارة أن المستشفى التخصصي تم التعامل مع ممارسيه الصحيين السعوديين على أنه مكان، وليس كمؤسسة عامة لها رسالة وأهداف مضمونها تقديم خدمات صحية علاجية واستشارية وبحثية متطورة، وتزخر ببرامج طبية متقدمة..، ولو صحت ذلك لما تم زيادة رواتب أعضاء هيئة التدريس في المؤسسة العامة للتدريب المهني بعد تعديل لوائحهم الوظيفية حسب نظام المؤسسة العامة، فهو أيضاً مكان لأعضاء هيئة التدريس مثله مثل الجامعات والكليات الحكومية، لكنه يختلف في مرجعية نظام المؤسسات العامة.
***
الحل لغياب الحوافز التشجيعية للممارسين في مستشفيات وزارة الصحة لا يجب أن يكون من خلال تجميد أو تحجيم رواتب الممارسين الصحيين في المستشفى التخصصي، ولكن بحل إشكالية غياب الحوافز التشجيعية في مستشفيات الوزارة، ولابد الإشارة إلى أن النظام الحالي فقد ميزة الحوافز التشجيعية عندما تم تثبيت الحوافز بمكافأة سنوية ثابتة، وليس صحيحاً أن رواتب الأطباء في التخصصي عند مقارنتها بمداخيل الأطباء الأجانب سواء في المملكة أو خارجها متضخمة، وقد يكون هناك تضخم في بعض الاستثناءات..
***
تبدو إشكالية مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في عدم وضوح المرجعية التنظيمية له، فتارة يُعامل كمؤسسة عامة لا تنطبق عليها تنظيمات المرافق الصحية الحكومية في المملكة، ويتبع لقانون العمل والعمال وأنظمة التأمينات الاجتماعية، وتارة يُعامل كمرفق حكومي عام تُفرض على ممارسيه الصحيين السعوديين فقط سلم رواتب المرافق الحكومية، لكن في نفس الوقت يستفيد موظفوه الإداريون والمهندسون من المواطنين من اللوائح الخاصة للمؤسسة، كما يستمر ممارسو المهن الصحية من الأجانب والعرب على لوائح المؤسسة التوظيفية المتميزة..
***
أخيرا، أرى أن الحاجة لمراجعة القرار ضرورة لا بد منها لأن المستشفى أولا مؤسسه عامه لها لوائحها التوظيفية الخاصة، وثانياً: إصلاح ما سيتعرض له المستشفى من خسارة للكوادر والبرامج المميزة، وما يتعرض له الممارسون الصحيون السعوديون من أضرار بالغة، والذين أصبحوا بسبب هذا القرار أعضاء أقل وضعاً وتميزاً في المؤسسة العامة عند مقارنتهم بزملائهم السعوديين الإداريين والمهندسين، وأقل استحقاقاً للتقدير المادي عند مقارنتهم بزملائهم الممارسين الصحيين من الوافدين، والله ولي التوفيق.