الناس في هذه الحياة على ثلاث فئات: فئة صنعوا التاريخ وهم العظماء الذين استطاعوا أن يكيفوا واقعهم مع ما يريدون فصنعوا عزهم ومجدهم، ولم يكتفوا بذلك بل صنعوا لأمتهم وأوطانهم أمجادا أخرى، ونقشوا أسماءهم بسطور من ذهب على صفحة التاريخ وهم (القلة القليلة).
فئة صنعهم التاريخ فتكيفوا معه وهم الناجحون، وحققوا لأنفسهم نجاحات معينة، فأمجادهم شخصية، وأحلامهم فردية، وهمومهم خاصة، فهؤلاء سجل التاريخ أسماءهم، ولكنهم لم يسجلوا لأسمائهم تاريخاً، ولم يمنحوا أمتهم ما تستحقه منهم، فهم ساروا مع التيار ونجحوا في حياتهم، وحققوا بعض أحلامهم الشخصية، وتختلف هذه النجاحات حسب طموح كل إنسان منهم، وتتفاوت في نسبة النجاح حسب نظرة المجتمع لها، وهم (الكثرة الكثيرة).
وفئة استوطنوا هامش التاريخ وهم (الهامشيون) الذين لا طموح لهم ولا هدف ولا نجاح يذكر، تسير بهم الأيام، ولا يسيرون بها يسيرهم التيار وتكتسحهم العواصف. أمسهم كيومهم كغدهم، لا جديد لديهم ولا تجديد، مهمتهم الأساسية في الحياة أقرب ما تكون للتكاثر والتناسل فقط هم أناس مهمشون، ارتضوا الظل مسكناً، والليل لباساً ومعاشاً، طموحاتهم لا تتجاوز موضع أقدامهم، كبر غيرهم وهم مازالوا صغاراً، ونجح غيرهم وهم مازالوا يعيدون الاختبار تلو الاختبار وفي مكانهم يراوحون، ومضى التاريخ يسجل أحداثه، ويسطر نجاحات وأمجاد الرجال دون أن يلتفت لهم أو يعيرهم حتى الانتباه، وهم (الكثرة القليلة).
وإليهم أوجه رسالتي فأقول:
عليكم بمراجعة الحسابات، فالتاريخ لا يكذب ولا يرحم، فيا من ارتضيت لنفسك الخنوع والقنوع، انهض والحق بالركب، فالزمن لا يتوقف ولا ينتظر.
أغسل عقلك وحرره من تلك القيود التي تحاصره وتسيء إليه، وقم بالخطوة الأولى للتغيير الإيجابي وذلك بإدراك ما أنت عليه، وما ينبغي أن تكون عليه، ومجال التعلم رحب فسيح ومتاح، فلا عذر لكم اليوم، تحرروا من قيود التبعية والاستكانة، وكونوا على صفحات التاريخ الناصعة لا على صفحات هامشه المهملة.
m-2010al@hotmail.com