مرة أخرى نتساءل ومعنا المواطن الخليجي.. ماذا يحدث في الكويت..؟!!
في البدء، نحمد الله أنَّ ما يجري ليس له صبغة أو شبهة طائفية، وهذا بحد ذاته نعمة كبيرة في وقت انتشرت فيه النعرات الطائفية في المنطقة العربية. إلا أننا نتخوف ومعنا المواطنون الكويتون وكل محب للكويت وأهل الخليج العربي، أن تكون الاضطرابات السياسية مدخلاً للفتنة. والفتنة ليست محصورة في الطائفية، إذ إن كثيراً من اختلافات وجهات النظر السياسية تصبح في فترات ما أشدَّ من الفتن الطائفية، ودولة الكويت ليست بمنأى عن الفتن الطائفية والتجاذبات القبلية لتزيد إليها الفتنة السياسية، فالمجتمع الكويتي مثله مثل باقي المجتمعات العربية يتكون من نسيج يضم طائفتين مذهبيتين وقبائل شتى وأصولاً عرقية لها امتدادات لدول الجور. ورغم ظهور بوادر تنافر بين بعض هذه المكونات الطائفية والقبلية والعرقية، إلا أن ارتفاع نسبة الوعي وحسن تعامل الدولة مع بعض حالات الخروج عن التعايش والسلم الاجتماعي أمكن السيطرة عليها. إلا أن الذي تشهده دولة الكويت هذه الأيام، هو انفلات لجماعات سياسية تستغل حالة التسامح الديمقراطي لفرض توجهاتها التي تهدف إلى تحقيق مصالح شخصية ذات علاقة بالذين يقودون تلك التجمعات السياسية. وهذه التجمعات تستثمر الأخطاء والإجراءات التي تنسب إلى بعض الوزراء في الحكومة، وتصعد من مطالباتها للوقوف في وجه تلك التجاوزات التي تراها وجوهاً من أوجه الفساد.
ومع أن الوزراء في الحكومات الكويتية ليسوا بمنزهين عن الخطأ، فهم مثل غيرهم لهم حسناتهم ولهم أخطاؤهم، إلا أن التصدي لأخطاء وتجاوزات الحكومات الكويتية ليس بالأسلوب الذي تشهده الكويت والتي فاقت حالات استدعاء الوزراء بما فيهم رئيس الحكومة للوقوف أمام مجلس الأمة لاستجوابهم ومحاسبتهم، كمثيالاتها في الدول التي تنتهج الأسلوب الديمقراطي، إذ تنافس الكويت في هذا الأسلوب السلبي إيطاليا التي صمدت حكومتها ثلاث سنوات قبل الإطاحة برئيس وزرائها الأخير، فالكويت تكاد تغير وزراءها كل شهر...!!
اقتحام (بيت الأمة) المقر البرلماني والتظاهرات والاعتصامات في بعض الساحات والديوانيات من قِبل جماعات الضغط السياسي وهم يتوزعون بين الليبراليين وأصحاب التسيس الإسلامي، هدفها من وراء كل ذلك إن كانت استجوابات أو اعتصامات أو تظاهرات هي الإطاحة برئيس الحكومة، وهم وأن استهدفوا الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح بذاته، إلا أن هدفهم الأساسي هو أن يكون رئيس الحكومة وأية حكومات سابقة من غير أبناء الأسرة الحاكمة مثلما يقولون، رئيس حكومة شعبي، وكأن ابن الأسرة الحاكمة ليس من أبناء الشعب..!!
jaser@al-jazirah.com.sa