من طبائع الأمور أن يواجه الإنسان بعضاً من الأحداث والمواقف ووقائع للابتلاء مما يتوجب معه الصبر والامتثال لحكم الله بتسليم ورضا حيث إن قوة الله لا تقهر وإرادته لا تُغلب ومشيئته لا ترد ورحمته من وراء ذلك للصابرين وهداية للموقنين.
فبالأمس شيعت جنازة الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- بعد رحلة عطاء مجيدة في بناء نهضة وتقدم هذا الوطن ولما كان الإسلام يحث على التداوي وأمر بابتغاء العلاج في حالة الإصابة بالمرض فقد توجه الأمير سلطان في رحلة إلى الولايات المتحدة رافقه فيها شقيقه الأمير سلمان أمير العاصمة وقام بعون من الله بأداء كل واجبات المرافق مثل متابعة خطة العلاج وتدبير الإمكانات وتنظيم الزيارات والمؤازرة عند إجراء العمليات وتوجيه الاتصالات الداخلية والخارجية.
وفي هذا قدم لنا سلمان درساً بليغاً للغاية في قيمة الوفاء، وما من أحد يساوره الشك أن ما فعله سلمان هو الوفاء الكامل بعينه سواء بحسن الرفقة أو تبديد قلق الغربة أو تخفيف آلام المرض وتقبل تعاطي العلاج، وحفز عوامل الرضا بما قسمه الشافي المعافي وسبحان من يقول للشيء كن فيكون.. فهذا ما يقتضيه الإيمان وما يثمره اليقين.
فسلمان دوماً نموذج للوفاء بما ليس له مثيل خصوصاً إذا قابلنا هذا النموذج الكرزمي بالنموذجي الواقعي الذي يتسم بالموضوعية، والإدراك الواعي والمسؤولية في الأداء.
هكذا لا نستطيع أن ننأى عن إبراز هذا الدور الجليل الذي قام بأدائه الأمير سلمان الذي لا نبغي منه سوى رضا الله سبحانه وتعالى وحسن العاقبة فضلاً عن إعطاء القدوة والمثل في الوفاء نسوقه لتعلم الأجيال القادمة والواعدة بالسلوك الحميد القويم الذي يعبر عن الصفاء والطهر والولاء والوفاء والتفاني بحكم وحدة الدم وصلة الرحم وقيم التربية الوالدية ومعايير الثقافة الإسلامية.
هذا النموذج الذي يمثله سلمان -في المدرسة السعودية- يعتبر بالنسبة للأمير سلمان نمط حياة، وهو سلوك لا يتبدل إزاء كل ما ينوي القيام به، فهو يلتزم به ويتحمل مسؤوليته، وبناء على ذلك يعظم الدور وتتأكد المسؤولية مهما اتسع نطاقها. فرفقته لشقيقه في رحلة العلاج نستشعر قبلها بأنه يعتبرها أمانة كبرى، وكم هو يثق في قدرته على حملها مهما كانت أعباؤها حيث له بها أعظم الأجر من الله.
نعم هذا هو سلمان النموذج لقد أدى دوره الذي أسلفنا توضيحه. إيمانه وتقواه وهذا ما يقطع به العلم والعقل.
نعم هذا هو سلمان النموذج للشرف القويم، والخلق الكريم وجسارة التصدي للنازل والأزمات والمحن بكل درجاتها متلاحقة السرعة إلى أن انتهى الأمر، {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} سورة العنكبوت (43).