يقال إن هناك ضوابط يدرسها مجلس الخدمات الصحية لتنظيم ظهور «الاختصاصيين النفسانيين» في وسائل الإعلام، لمنع تأثيرهم على المشاهدين والحد من «فوضى» مدعي العلاج النفسي فضائياً وما أكثرهم اليوم.
الحقيقة أن «فوضى مسميات» من يخرجون على «الشاشات» لا تخص المعالجين أو المختصين النفسانيين وحدهم، بل إنك تعجب من «بعض الفضائيات» التي تمنح بعض من يخرجون على «شاشاتها» تخصصات ما أنزل الله بها من سلطان، فمن «خبير في الشأن الأسري» إلى «مهتم بشؤون القاعدة» وصولاً إلى «ناشط في حقوق الإنسان» وانتهاءً بـ «مستشار لما وراء البحار» ومن يدري غداً ما هو التخصص الجديد الذي سيظهر له خبراء ومحللون جدد على القنوات الفضائية.
المؤسف أن بعض من يكثر خروجهم على الفضائيات تراه اليوم «مستشاراً شرعياً» في قناة ما فهو يحلل ويحرم، وفي قناة أخرى مجاورة يظهر عليك على أنه «اخصائي اجتماعي» يناقش مشاكل الفتيات والشبان ويوجد الحلول النفسية والاجتماعية كخبير اجتماعي!!.
لقد سئمنا حقيقة من «الازدواجية» التي يخرج بها «البعض» في مختلف القنوات الفضائية دون احترام «لعقلية المشاهد» المتابع لمجمل هذه القنوات، وهو الذي سبق أن تابع هذا الضيف «كخبير اقتصادي ومحلل مالي» بالأمس، فما الذي جعله اليوم «محللاً سياسياً» يتحدث ويحلل الأمور السياسية الصرفة عالمياً، ومن يملك الحق في منحه هذه الصفة أصلاً؟! بل من سيحاسبه لو خرج علينا غداً «كخبير نووي»!!.
أعتقد أن التواصل مع وسائل الإعلام حق مشروع وهو متاح للجميع دون استثناء أو حجر على أحد، وبإمكان أي متخصص أن يساهم في توعية المجتمع بعلمه في فنه وتخصصه الذي يتقنه ويجيده، ولكن أعتقد أيضاً أن «ما يحدث اليوم» على الفضائيات أمر غير جيد وغير لائق، ويحمل في طياته الكثير من علامات الاستفهام في «تنصب غير المتخصصين» وتصدرهم للحديث عن قضايا قد لا يجيدون فهم تفاصيلها أو قراءة مكنوناتها بالشكل الصحيح وهو ما قد يشوِّش على المشاهد والمتلقي والقضية المطروحة للنقاش.
وبرأيي أن السبب يعود لعزوف المتخصصين الحقيقيين، والخبراء المعتمدين، والمطلعين، والمهتمين بالشأن المطروح عن المشاركة والتفاعل مع «وسائل الإعلام»، وهو ما ساهم في بروز مثل هؤلاء «المتطفلين» فضائياً, وبحثهم عن «الشهرة» ولو على حساب تكسير أبجديات التخصص أو قول ما يطرب له من سمحوا لهم بالخروج في هذه القنوات من أجل أن يضمنوا عودتهم مجدداً للظهور، وحجز مقعد لهم على «نشرات الأخبار» و»فقرات البرامج».
بكل تأكيد لن نستطيع التحكم وفرض من يجب أن يخرج على «الفضائيات» ومن لا يجب أن يخرج، ولكن يمكن لكل «هيئة أو جمعية» أن توجد تنظيماً شاملاً يُحاسب فيه كل من يتطفل على تخصصها من غير أهله, أو من يقدم فناً لا يتقنه سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو نفسياً وقبل ذلك المتحدثون كدعاة أو كمستشارين شرعيين. فهل سيتفاعل «المتخصصون الحقيقيون» وهل سيُحاسب «المتطفلون» من قبل الجمعيات والمرجعيات التخصصية أم ستتفاقم المشكلة أكثر وأكثر لتظل «المقولة الشهيرة» قبل خروج أي ضيف تتردد داخل «غرف الكنترول» في القنوات وعند الإعداد للخروج مباشرة بالسؤال الشهير:
هو الباشا خبير في إيه..؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net