أعتقد أن أسوأ أنواع العبث الموروث والمسكوت عنه بإنسانية الأنثى تزويج بنات الأسر الفقيرة القاصرات (تلميذات الابتدائي والمتوسط في الواقع) من عواجيز متجهين حثيثاً نحو القبور، حسب حديث سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن أعمار أمته. حددت في الجملة السابقة بنات الأسر الفقيرة القاصرات بهذا النوع من التزويج لأنه من غير المتوقع ولا في الخيال الخرافي تزويج بنت أغنياء قاصر من عجوز فقير، ولا حتى من عجوز غني، لأن ثروة أهلها تحميها من أن تباع في سوق مقايضة الأموال بالغرائز الجنسية.
كسؤال مبدئي، ما هي الخلفية الحقيقية لرغبة الثري العجوز في الاقتران بطفلة ما زالت على مقاعد الدراسة الابتدائية أو المتوسطة؟ ثم وبعد محاولة الإجابة عن هذا السؤال، لماذا ينجح هذا العجوز المتهالك في العثور على عروسته الصغيرة، وهل سوف ينجح لو كان عجوزاً فقيراً؟. الجواب واضح رغم أنف التحذلق واللف والدوران. رغبة العجوز المتهالك في الاقتران بطفلة لن تكون لدواعي الإنجاب ولا لإكمال نصف دينه ولا لطلب الستر ولا للمساهمة النبيلة منه في القضاء على العنوسة الوطنية المتفاقمة. الخلفية الحقيقية لذلك هي محاولة إشباع مجموعة من الغرائز التي تنتاب بعض المتقدمين في السن للتمتع قبل فوات الأوان ببعض الثمار الصغيرة التي ما زالت على الشجرة تنتظر النضوج، لأنهم ملوا من البطيخ والشمام الكبير الموجود في البيت. يضاف إلى ذلك محاولة الهروب من واقع التقدم في السن وما يحمله من هواجس المغادرة النهائية. لذلك تجدهم يمازحون بعضهم هكذا: هاه يا أبو فلان ما ودك تجدد شبابك؟ تصوروا، الشيخ الهرم الذي يملك ميزة الثروة يخادع واقعه البيولوجي بخرافة تجديد شبابه فيما لو تزوج بطفلة في عمر حفيداته الصغار.
الحقيقة الاستهلاكية البيولوجية تقول عكس ما يعتقده. فزواجه من الصغيرة سوف يقصف المتبقي من شيخوخته، لأنه سوف يزيد من استنزاف ما تبقى في خزان الوقود لديه من طاقة. لكن ماذا عن العروسة؟. هل سوف تجدد هي أيضاً شيئاً ما، أما أنها سوف تتقدم سريعاً بمرافقتها للعجوز نحو الشيخوخة المبكرة، على الأقل شيخوخة العواطف والأحلام. الشيء الذي سوف يتجدد حتماً هو أثاث منزل والدها وسيارته وسيارات إخوانها الذكور، أما هي فسوف تبلى سريعاً، والمتوقع أن تصبح فجأة أرملة ً بفعل الفارق الزمني الشاسع.
إذا لم يكن الأمر ذا خلفية غريزية هكذا، فلماذا لا يتزوج الثري العجوز مثلاً من أرملة أو عانس أربعينية؟. أليس من شأن ذلك أن يؤنس وحشته ويوفر له الخبرة الخدماتية التي تحتاجها الشيخوخة، علاوةً على بعض المتبقي من الجودة النوعية عند العروسة مقارنةً بما تبقى لديه من الجودة النوعية؟.
أما ما يخص دور الثروة والجاه في إمكانية الحصول على العروسة الصغيرة الفقيرة فالأمر واضح. أتحدى على رؤوس الأشهاد أن يذكر لي أحدهم حالة زواج واحدة موثقة بين رجل عجوز فقير وطفلة في المرحلة الابتدائية والمتوسطة.
إذاً، أضف إلى الخلفية الغريزية الخلفية الاقتصادية، وكل زواج وصغيراتكم بخير.