« سلطان الخير « يداه مؤسّستان للخير متنقِّلتان في بقاع العالم تنفق في سبيل الله وفي وجه الخير، فكانتا شجرتين مثمرتين يستظلُّ بظلِّها ويؤكل من ثمارها، فالمار منها رابح غير خسران، خيرها لا ينقطع ولا يتوقف على مدار العام.
أفلا يحق للطفل أن يصرخ والرجل أن يبكي والمرأة أن تحزن حزن الأم على فقد فلذة كبدها، وتظل باكية ليلاً ونهاراً على صاحب المكارم والإحسان ولي العهد سلطان، الذي ستظل صور حياته المشرقة راسخة في ألبوم ذاكرة العقل، وتمر على شاشة عدسة العين في كل ثانية ودقيقة وساعة، وكأنه حيٌّ يعيش بيننا بأياديه السخيّة البيضاء، وسيظل في القلوب معتكفاً لا يخرج منها تتوارثه قلوب الأجيال جيلاً بعد جيل دون جفاء أو نسيان.
لقد كانت حياته مشرقة بالأقوال والأفعال، بصمات إنجازاته في كل بقعة وفي كل مكان يشهد لها الميدان، منح نفسه لخدمة الإسلام والمسلمين ولخدمة الوطن والمواطن، فكان مثالاً وقدوة للابن البار.
يا لها من صورة جميلة يا والدي « سلطان « حينما داعبت الطفل الصغير وحملته بيديك وضممته لصدرك ومنحته الحنان، ثم داعبته ومازحته وضاحكته حتى ردّد وقال « أبوي سلطان «، ثم يمتد عطفك وحنانك بأن تأمر له بصرف العلاج ليتبسم ضاحكاً.
واليوم يخرج باكياً مفجوعاً كما فجع وبكى صاحب العطاء سيدي « سلمان « يمشي والنعش على كتفه ودموعه تسابقه وتخط على خديه عبارة « مات صاحب الأخلاق الحسان « الذي ما شوهد للدمع أثر في حياته يجري على خدي اليتيم والفقير والمحتاج والكبير والصغير، إلاّ بعد أن غابت صورة بسمته التي تسابقت العيون لذرف ونثر الدموع على فقدها ورحيلها.
فلو شاء الله وقدر أن تمنح الأعمار لمنحناك أعمارنا وفاء بوفائك وبراً ببرك لشعب يكنّ لك كل معاني التقدير والاحترام والمحبة لك بشوق وحنان، وبرّك لوطنك الذي اشتاقت بقاع أراضيه وتنافست أيها يحتضنك.
وليس لنا اليوم إلاّ الصبر على المصاب والتوجُّه للرب بخالص الدعاء بأن يرحم الفقيد برحمته ويجعل قبره روضة من رياض الجنان، وأن يجعل الجنة تشتاق للقائه وقدومه، وأن يجعل الفردوس الأعلى منزلته ومقرّه، وأن يجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء.
بيان بنت أحمد أبوناب - المدينة المنورة