في المواسم الدينية ترتفع روح حب عمل الخير للأعلى بين الكثير من الناس، ويبدأ البحث عن المحتاجين للمساعدات المادية والعينية من أجل كسب الأجر أكثر في هذه المواسم الفضيلة مثل شهر رمضان والخيام الرمضانية التي تنتشر فيه لتفطير المحتاجين الصائمين، وأيام العشر من ذي الحجة الذي تنتهي بتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والأصدقاء والأقارب. وفي يوم عرفة الفضيل الذي هو أفضل الأيام وأبركها، فليس ثمة يوم طلعت فيه الشمس، أو غربت، هو خير من يوم عرفة أبداً، فقد ورد أن صيامه لغير الحاج يكفر ذنوب سنتين، ثبت عن أبي قتادة أن رسول الله سُئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفّر السنة الماضية والباقية) رواه مسلم. والداعي لهذه المقدمة التي لا تفوتكم هو أن العطاء وبذل الخير من أجل كسب الحسنات متأرجحاً خلال أيام السنة بين كثير من الناس محبي فعل الخير وذلك تجاه المحتاجين والذين يمنعهم تعففهم من البحث والسؤال عما يسد حاجتهم ولو بشكل يومي، والمنتشرين في أحياء وقرى بعيدة عن الأنظار! بغض النظر عن الجمعيات الخيرية ومكاتب الضمان الاجتماعي التي تقوم بدورها المكلفة به طوال العام تجاه المحتاجين والفئات الخاصة التي تتابعها وتتأكد من ظروفها الاقتصادية، لكنها لن تستطيع مهما عظمنا من مسؤولياتها الخيرية والإنسانية أن تغطي وتلبي جميع متطلبات تلك الفئات المحتاجة! لذلك لابد من تشجيع وجذب الشخصية التطوعية لدينا إلى ساحة الميدان الاجتماعي بكل قوة، وإيجاد الآلية المناسبة لظهورها بين الشباب والفتيات دون حواجز أو محاذير تسيء لجذورها لو وجدت لدى مجموعات بسيطة بحاجة للدعم المادي والمعنوي. فالعطاء التطوعي لدينا بلاشك موجود وقد يكون أكثر تنظيماً من خلال الجمعيات النسائية، وجمعيات البر، ومراكز الدعوة والإرشاد، لكن الأحداث الأخيرة التي أساءت إلى أمن بلادنا من خلال العمل الخيري التطوعي سواء على مستوى النساء أو الرجال أثرت سلباً على تقبل العمل الخيري التطوعي لدى فئات كثيرة منحت ثقتها ومالها وصدقاتها لمن أجادوا التمثيل لحب فعل الخير وهم للأسف الشديد تحت ستار أسود أهدافه شيطانية وإجرامية بحق بلادنا الآمنة المطمئنة لجميع مواطنيها! ولكن لا يعني هذا أن نشكك في النوايا الحسنة لاحتواء أو احتضان أسر محتاجة، أو مساعدة شباب عاطلين عن العمل، أو أطفال جوعى في ظل غياب العائل الوحيد لهم، بالعكس لابد أن ننشر مساحات الأمن والأمان بوجود أعظم جهاز أمنيلدينا «وزارة الداخلية» وبرئاسة ولي عهدنا الجديد أطال الله في عمره صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي كافح ومازال بوجود رجاله وجهازه اليقظ جميع المواقف والمسلسلات التي اتخذت من العمل الخيري التطوعي وسيلة لإيذاء البلاد والعباد! فالثبات في عمل الخير تحت الأضواء وبمعرفة الجهات الرسمية، هو الدليل على حب انتشاره على مساحات أكبر بين الفئات المحتاجة، والوسطية في تقبل الآخر بغض النظر عن جنسيته، وسواء كان فقيراً أو متوسط الحال هو الدليل على صفاء النية في تقديم المساعدة مهما كان نوعها! واستغلال الفراغ في مساندة الآخرين ومعالجة جراحهم الداخلية والخارجية لأكبر علاج لحالات الهزيمة النفسية التي يشكو منها كثير من فتياتنا وشبابنا خاصة خلال الإجازات الرسمية وتقلبات الجو المسيئة للراحة النفسية! وأجمل قصة أعجبتني في المجال التطوعي ذلك المتطوع الأمريكي الذي يبلغ من العمر «60 سنة» وهو يركب دراجته ويجمع الوجبات من المطاعم ويقوم بتوزيعها على الفقراء في لشبونة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البرتغال! والأكثر جمالاً بدأ مشروعه الخيري وحيداً والآن يساعده «80» متطوعاً! والسبب بلاشك الثبات والوضوح في مساعدة الآخر المحتاج بدون إذلال أو تأجيل.
«وكل عام وأنتم بخير، وعساكم من عواده».
moudy_z@hotmail.com