بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة غادرت الرياض مع جمع من الشعراء والأدباء والإعلاميين لحضور مهرجان سوق عكاظ في دورته الخامسة الذي جمع أطياف الوسط الثقافي على صعيد واحد ويمثل سوق عكاظ نقلة نوعية في تأصيل الثقافة العربية والإبداع الثقافي والذائقة الشعرية حيث كان منبع القصيدة العربية الرائدة فكان تظاهرة ثقافية متميزة ولقد أسهم سوق عكاظ في إخراج الإبداع من تاريخ الأدب فهو اليوم إضافة للحراك الثقافي.
ولا شك أن إعادة وهج هذا التجمع الثقافي والتاريخي والتجاري بعد توقف دام أكثر من 1300 سنة يتسق مع الرؤية بأن يكون هدفه تنمية المكان والزمان ولكم سعدت بدور الشباب السعودي من طلاب الجامعات في المشاركات في التنظيم والأنشطة والبرامج السياحية كما أن هيئة السياحة والآثار كان لها دور إيجابي من خلال مشاركة المتطوعين في فعالياتها وأنشطتها. ولقد قال الأمير خالد الفيصل خلال اللقاء به مع الإعلاميين والأدباء إن سوق عكاظ رسالة إنسانية وحضارية وتنموية ورؤية مستقبلية فهو محفل للفكر ومنتدى للحوار وحاضة للإبداع والتميز للمثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء داعيا إياهم ورجال العلم والمعرفة إلى احتضان سوق عكاظ ورعايته والمشاركة في أنشطته وبرامجه وإثرائه بعطاءاتهم وإبداعاتهم، لقد تجولنا في جادة سوق عكاظ والتي تحاكي سوق عكاظ التاريخي القديم وتضم العناصر التي تعكس الحياة اليومية القديمة لهذا السوق العريق ورأينا عروض الفروسية وقوافل الإبل والمبارزة وأعمال تاريخية متنوعة كما شاهدنا مسرحية الشاعر زهير بن أبي سلمى وهي عمل درامي جميل ورائع مع مرور القوافل والشعراء على الإبل والخيل وإلقائهم القصائد الشعرية في السوق في منظر رائع كما احتوت الجادة على محلات ومعارض وأركان للحرف اليدوية التقليدية.
إن اختيار زهير بن أبي سلمى كان موفقا فهو شاعر فحل من أبرز شعراء المعلقات وربيب بيئة شعرية كما أن قصائده تحفل بالمعاني الأدبية والقيم الأخلاقية والحكم السديدة والصور الفنية. ولقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المستشهدين بشعره كما أن ابنيه زهير وبجير من شعراء الصحابة كما أن قصيدته الرائعة التي يعدد فيها مآسي الحرب وتحذيره منها تنطلق بالحكمة والأمثال الرائعة.
وما الحرب إلا ما علمته وذقتموا
وما هو عنها بالحديث المرجم
وقوله:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولا لا أبا لك يسام
لقد كان يؤلف بين قلوب الناس ويحث على مكارم الأخلاق كما قيل:
لولا مقال زهير في قصائده
ما كان يعرف جود كان في هرم
إن زهير سيظل شاعراً استثنائيا خلده شعره بما فيه من حكم رائعة وكان له دور في معالجة قضايا متنوعة وعاصر حربا امتدت لأكثر من أربعة عقود وما زلنا نردد حكمه ونستشهد بشعره وتتردد أصداؤه وسيظل شعره يمثل التاريخ والتراث الفكري ولقد احتوى حفل الافتتاح على لوحة فنية متكاملة تتضمن أبياتا شعرية من معلقة زهير بن أبي سلمى وهكذا عاد هذا السوق إلى مجده وسابق عهده.