عاش رُؤساءُ الأَنْدِية في الأيام الماضية حالة جَدَل واسع؛ بسبب لَجْنة الانضباط ولائحتها الجديدة، قبل صدور قرار إيقاف العمل بها هذا الموسم، و(هم) تقريبًا مُتَّفقون على بعض النِّقاط التي يَرَون أنَّها لا تخدم المُسابقات الرِّياضيَّة، في ظلِّ غياب الخَصْخَصَة، وعدم تطبيق الاحتراف الحقيقي بكلِّ جوانبِه، بل ستتسبَّب في إضافة بعض الأعباء الجديدة على الأندية، وتحديدًا المالية منها، خصوصًا بعض الأندية التي لا يوجد لديها رعاةٌ رسْمِيُّون، أو لا تملك دُخُولاً ماليَّةً مرتفعة، والتي (ستُعاني) كثيرًا مِن ارتفاع سقْفِ الغرامات المالية في اللائحة الجديدة.
الموضوع كما رووه بعضُ رؤساء الأندية في وسائل الإعلام المختَلِفَة، يدُلُّ على أنَّ هناك فجوةً كبيرةً بين أعضاء لجنة الانضباط والأنْدِية؛ بدليلِ أنَّه عندما وُضِعت المسوَّدة الأوَّليَّة لتلك اللائحة تَمَّ إرسالُها لجميع الأندية قبل بداية الموسم الجديد؛ ليُشارِكُوا بآرائهم حول ما تضمَّنَتْه تلك المسَوَّدة، وقد قاموا بالفعل بدِراسَة تلك اللائحة حسب تصاريح مسؤوليهم، وأعَدَّتْ بعضُ الأندية مُذَكِّرة تتضمن بعض التوصيات والملاحَظات على بعض الموادِّ في اللائحةِ التي يرون - من وجهة نظرهم - أنَّها غير مفيدة!
والمُدهِش في الأمر أنَّ هناك توافُقًا كبيرًا في وِجهات النَّظَر بين كثيرٍ منَ الأندية التي أرسلت رؤيتها، بالرغم من أنَّهُم لَم يتِّفِقوا عليها مسبقًا!
لذا كان من الضروري أن تقومَ لجنة الانضباط بمراجعة ما أقرَّتْه قبل تعميمه على الأندية حتى تخرج اللائحة الجديدة بأقل ملاحظات، دون أن تضع نفسها تحت طائلة النقد الساخر من قبل البعض.
كان عتاب مسؤولي الأندية على اللجنة واضحًا، واتِّهامهم لها بالتهميش له ما يُبَرِّره، فتَوصيَّاتهم وملاحظاتهم التي قدَّموها بعد الدراسة لَم يجدوا منها شيئًا أُدْرِج ضِمْن مواد تلك اللائحة على حد زعمهم، فطالما لم يُؤْخَذ بها، فلماذا إذن يطلبون منهم دراستها وتقديم توصياتهم ومُلاحظاتهم عليها، وهم - في نفس الوقت - لن يُعيروا ذلك الجهد المبذول أي اهتمام؟!
كنتُ أتَمَنَّى من اللجنة خصوصا بعد قرار الرئيس العام بإيقاف العمل بهذه اللائحة إصدار بيان (توضِّح) فيه عددَ الأندية التي أرسلتْ إليها ملاحظاتها، وذكرها بالاسم، مع توضيح ملاحظات كلِّ نادٍ على حدة، وتعليل عدم اعتماد تلك التوصيات من قبل الأندية، وفي نفس الوقت ذكر التوصيات التي تَمَّ اعتِمادُها بِشَكْلٍ جُزْئِيٍّ أو كلي، حتى يَتَحَقَّق مبدأ الشفافية، ويُصبح الشارعُ الرِّياضي أمام الحقيقة!
أما فيما يخُصُّ اللائِحة، فلن أتطرَّق لما ذكرتْهُ الأندية من ملاحظات، فهم يَرَون ذلك مِن منظور المصلحة الخاصة لأنديتهم.يبقى ما اكتبه من رأي حول هذه اللائحة بمنظور مختلف تماما هدفه في المقام الأول المصلحة العامة للرياضة السعودية، وتحديدًا لعبة كرة القَدَم.
فبعد الاطِّلاع على اللائحة الجديدة، توقَّفْتُ عند حالتَيْن - مِن وجهة نظري - تحتاج إلى توضيحٍ أكثر، أولاً: في باب التعريفات، وتحديدًا عند تعريف لجنة الانضباط، فقد جاء التعريف على النحو التالي: هي اللجنة المختَصَّة بتوقيع العقوبات المعتَمَدة والمنصوص عليها في اللائحة للمخالفات التي لم يرد فيها تقارير فنية أو إدارية، أو التي لم يلحظها حكام المباريات، ولم تلفت انتباههم ا. هـ.
وفي (هذه) الجزئية لم يتم التوضيح أو الإفصاح عن المصدر الذي يعتد به، وتراه اللجنة دليل إثبات لا يقبل الشك، حتى تستطيع من خلاله إصدار العقوبات المنصوص عليها في اللائحة دون أن تدخل في جدل مع الأندية والإعلام، فتَرْكُ الأمر مفتوحًا بهذا الشكل سيَفْتَح باب الاتِّهامات على مصراعيه؛ فعلى سبيل المثال: قضية (إيمانا) والصورة المشينة التي تناقَلَتْها بعض الصحف الإلكترونية، وأيضًا مرفق عبدالغني واللقطات التلفزيونية الغير كاملة، (لو) أننا افْتَرَضْنا أنَّها تكررت مرة أخرى، أو حدث أسوأ من تلك الحالتين، هل تعتبر الصورة واللقطات التلفزيونية غير الواضحة دليل إدانة كافيًا لتطبيق العقوبات؟
أقول هذا حتى (لا) يخرج مستقبلاً مَن يشكك في السند القانوني الذي اعتمدت عليه لجنة الانضباط في تطبيق عقوباتها.
ثانيًا: في المادة السادسة والخمسين، تنص الفقرة الثانية على أنه إذا شارك لاعب في مباراة ودية وهو غير مؤهل قانونيًّا للعب، يُعاقَب فريقه بخسارة نتيجة المباراة وبالغرامة المالية (30.000) كحدٍّ أدنى!
ففي هذه الفقرة كان من المفترض عدم ذكر الجزء الأول من العقوبة؛ لأنها في الأصل مباراة ودية، لا تمثل خسارتها شيئًا لأي نادٍ، فذِكْرُها هنا ليس له ما يُبَرِّره.
بقي أن أقول: الخطأ أمر وارد في كلِّ مناحي الحياة؛ لأنه نتاج عمل بشري، والخطأ أحد أهم سمات البشَر، لكن يبقى الحديث عن المُحَصِّلة النهائية، وكم تبلغ نسبة الصواب والخطأ في إجمالي العمل المقدم، فالوصول إلى أعلى درجات الصواب أمر يحتاج إلى وقت، لهذا - ومن وجهة نظري - تعدُّ اللائحة الجديدة متميزة في كثيرٍ من الجوانب، ولعل أهمها الضبط الواضح للكثير من المخالفات، وفرض مبدأ النظام واحترام كل من يعمل في الوسط الرياضي، فعندما توضع القوانين الواضحة مع العقوبات الرادعة والحازمة، ستُسهم في رفع المستوى الرياضي للجميع، وتحث على احترام القوانين، و(هي) ثقافة ربما تكون جديدة على الوسط الرياضي، تعمل لجنة الانضباط - من خلال اللوائح الصادرة - على غرْسِها بشكْلٍ أو بآخر لدى كل منتمٍ للوسط الرياضي، سواء كان ضمن منظومة العمل الرِّياضي أو خارجها.
دمتم بكل خير،،
سلطان الزايدي
Zaidi161@hotmail.com