بلادنا حرسها الله، مرت هذه الأيام، وقبيل موسم الحج، بحدثين بارزين، أحدهما فقد رمز الوطن (سلطان الخير) رحمه الله، والآخر تعيين الأمير (نايف الأمين) وفقه الله، ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية، وكلاهما من الأهمية بمكان، لتعلقهما بسدة الحكم، ولحدوثهما في فترة تزخر بالأحداث المؤلمة التي يمر بها عالمنا العربي، ومما يلفت الانتباه إليه ويجدر تسليط الضوء عليه، تعامل الإعلام السعودي بكافة وسائلة مع الحدثين، لا سيما المقروء منه، ودوره البارز في التعامل معهما، والكيفية التي كانت عليه آلية تغطيتهما؟ فإعلامنا السعودي -دون تحيز- أحسب أنه أبدع في التعامل بطريقة احترافية متزنة الطرح، وقام بدوره بصورة ملفتة وغير مسبوقة، الإعلام المرئي من خلال قنواته المختلفة أعد برامج أقل ما يقال عنها؛ احترافية تتناسب مع مستوى الحدثين، إضافة إلى التغطيات المباشرة المستمرة، سواء من القنوات الحكومية أو التي يملكها سعوديون، نقلت الأحداث والمشاعر العفوية كما هي دون استحلاب! والإعلام المسموع هو الآخر نثر إبداعاته عبر الأثير، حاملاً المشاعر الصادقة للمواطنين والمحبين أينما كانوا على المستوى الرسمي أو الشعبي، بقي الأهم في نظري، وهو الغرض من كتابة هذا المقال، كيف كان الإعلام المقروء؟ فالصحافة المحلية من وجهة نظري، أبدعت أيما إبداع، وأفردت الصفحات والملاحق والسطوح! لهذين الحدثين، بين جناحي الرثاء والثناء، فرؤساء تحرير الصحف لدينا وضعوا بصماتهم المضيئة على صفحات صحفهم وتفننوا في الطرح تحوطهم من كل جانب، أمانة الكلمة، التي كانت شعارهم الذي لا يغيب، وخاصة البعض منهم ممن سجل حضوراً لافتاً، لم يفوت الفرصة عليه، ليعبر وبكثافة عن مشاعره في كلتا الحالتين، من باب أداء الواجب المناط عليه من جانب، واستنهاض مشاعر المواطنين والمهتمين من جانب آخر، وإتاحة الفرصة للأقلام الفاعلة والمؤثرة، لتساهم في تخفيف ألم الفراق، وتكرس الحب والوفاء للقيادة والوطن، والمجال لا يسع الإشارة إلى من أبدع من هؤلاء الأعلام في مجال الإعلام، حتى لا يذهب التفكير بعيداً، وأقولها بصراحة، لا تربطني علاقة برؤساء تحرير صحفنا ولا أعرف واحداً منهم ألبتة، ولكنها الأمانة، ألزمتني قول الحقيقة، هؤلاء الرجال، قامات، البعض منهم، أصحاب خبرات متراكمة، أمضوا عقوداً في مجالهم، هم رجال مرحلة محترفون، ولولا خشية الخروج عن النص، لوشحت هذا المقالبأسمائهم، ورزقي على الله، لكن كيف السبيل لمعرفتهم؟ تجدهم أول المبادرين بالمساهمة بأقلامهم وقت الحدث أياً كان نوعه، فرح أم ترح، تجدهم مع القيادة والوطن في مركب واحد، لمسنا قوة أقلامهم المعبرة عن صدق توجهاتهم، خصوصاً في هذين الحدثين، بالتأكيد هذا أمر يحتمه الواجب وليس في ذلك منة، لا سيما وقت الملمات والمحن، تتغربل فيها الأقلام، ويحصحص فيها الحق، ويظهر الغث من السمين، وتسقط الاتهامات والإسقاطات غير المثبتة على البعض منهم، إعلامنا الحكومي وغير الحكومي، بقادته المخلصين، وعلى رأسهم من يقف على رأس هرمه (معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجه) أثبت للعالم أجمع، أمانة الكلمة والصدق في تناولها، يوم أن ابتعد عن الثرثرة الممجوجة، والدجل في تناول الأحداث، ونقل الأحداث والمشاعر كما هي دون زيف وحيف، تقمص توجهات القيادة، وحرص على تماسك الوطن وشدد على اللحمة الوطنية، مشاهد جنازة سلطان الخير والعزاء في سموه، ومشاهد البيعة لسمو ولي العهد، سجلتا حضوراً لافتاً ومشرفاً لوسائل إعلامنا المختلفة، وأخص بالذكر صحفنا المحلية التي أصبحت راية بيضاء في جبين الوطن، قادها لذلك ضميرها الحي، تشعر بجهودها المضنية، من خلال إصدارها للملاحق التي تناسبت وحجم الحدثين، بغية إعطاء الفرصة للتعبير عن المشاعر الصادقة، سواء كانت تأبيناً ورثاءً أو ثناءً وفرحاً في كلتا الحالتين، أظن وليس بعض الظن إثماً، أن صحفنا وخاصة بعضها بقيادة رؤسائها الخبراء، تفننت بتغطية الحدثين ولم تزل، وقدمت للقارئ مواداً معلوماتية وإخبارية، أدت الغرض من رسالتها، واستطاعت أن تخفف من وطأة حدث الفقد! وأبرزت قيمة حدث الاختيار! فكان التوازن في الطرح؛ شعارها التي تميزت به وصار ملازماً لها في أفراحها وأتراحها، مبتعدة عن أسلوب الإثارة والتجارة، دع عنك وسائل التواصل الاجتماعي، (الفيس بوك، والتويتر، واليوتيوب) التي وإن كان لها بعض الإيجابيات؛ لكن سلبياتها غير خافية، بما تغرد به من أخبار مشوشة تفتقد للمصداقية، تعتمد أسلوب الإثارة في الغالب، مرة أخرى، بقي القول، إعلامنا بألف خير... ودمتم بخير.
dr-al -jwair@ hotmail.com