|
الجزيرة - عزيزة القعيضب
يصعب على المتتبع لسيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رحمه الله أن يحصي أعماله الخيرية والإنسانية داخل المملكة وخارجها فمكرمات سموه أكثر من أن تعد؛ منها ما نقله الإعلام ومنها ما لم يصل فكم هي الأعمال الخيرية التي يقدمها ولازال يقدمها سموه لأبناء هذا الوطن ولكل محتاج للمساعدة ليس في الداخل فحسب بل يد العطاء امتدت لتحتضن مدناً ودولاً وأفراداً في الخارج ولعل اختيار سموه لجائزة الشخصية الإنسانية لعام 2002 من قبل مركز الشيخ راشد آل مكتوم بدولة الإمارات العربية المتحدة جزء يسير من التقدير لسموه لما يحظى به من يد طولى في الإسهامات الخيرية والإنسانية المختلفة.
(الجزيرة) وهي تشارك الأمة الإسلامية فقد سلطان الخير تستذكر شيئاً من أعماله الخيرية والإنسانية التي لن تبرح التاريخ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهمنا الصبر والسلوان لفراقه.
مكرمات سلطان الخير داخل المملكة
طالت مكرمات سموه رحمه الله عدداً من الجهات والمؤسسات الخيرية منها الجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم ومركز الأوائل ومركز التنمية الاجتماعية بالقريات، وقسم الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى القوات المسلحة بالرياض، وجمعية تأهيل المعاقين بالمنطقة الشرقية، وصندوق المرضى بمستشفى الأمل بالرياض، ومعهد التربية الفكرية بالرياض، والجمعية الخيرية بتربة، ومركز الأطفال المعاقين بالمدينة المنورة، وتأمين جهاز غسيل الكلى لمستشفى البدائع، ودعم مستشفى الرس بجهاز أشعة مقطعية، ودعم ندوة الرعاية الشاملة للمسنين وكذلك دعم بحث مرض الخرف، وبرنامج سلطان بن عبد العزيز للعناية بالمساجد، ومشروع النظام الوطني للمعوقين وتأمين سيارات خاصة للعشرات من المعوقين، وضع سموه حجر الأساس لمشروع خيرية سلطان في القحمة وهو عبارة عن إنشاء مائة وحدة سكنية للأسر المحتاجة على مساحة مليون متر مربع بالإضافة إلى يد سموه الكريم في تتبع احتياجات الفقراء والمعوزين والمسجونين والأيتام والأرامل والمرضى المحتاجين للإخلاء الطبي ومتابعة حالاتهم في المستشفيات العسكرية والكثير من الأعمال الجليلة التي يصعب حصرها.
أما فيما يتعلق بالأعمال الإنشائية الخيرية التي تستهدف الجماعات فعلى سبيل المثال لا الحصر تأتي في المقدمة:
مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية
تعتبر مؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية منارة للعمل الخيري المنظم الذي استفاد منه الكثير على مستوى الفرد والمجتمع وقد أنشئت المؤسسة بموجب أمر سام كريم لتكون صرحاً رائداً في تقديم خدمات إنسانية متميزة للمجتمع بصفتها مؤسسة خيرية ذات شخصية اعتبارية لتوفير رعاية اجتماعية وصحية وتأهيلية للمعاقين والمسنين من الجنسين أو حالات يرى مجلس الأمناء استحقاقها للخدمات المقدمة مع توفير دور للنقاهة والتأهيل والتمريض وتوفير الأجهزة التعويضية وتهيئة الوسائل لإجراء الأبحاث في مجال الخدمات الإنسانية التي تقدمها المؤسسة والدراسات الأكاديمية والتطبيقية في جميع المجالات المتصلة بالإعاقة والشيخوخة المبكرة وأمراضها ومعرفة أسبابها والعمل على تلافيها والحد من آثارها ولا تقتصر جهود المؤسسة على الداخل بل تمتد يد سلطان الخير لتصل إلى عدد من الدول لتقدم الدعم لمشروعات إنسانية وخيرية متنوعة (المدرسة السعودية للأيتام والمشروع الطبي بكشجري في باكستان، جامعة الأزهر في مصر، مركز علاج الأمراض السرطانية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في المغرب، مركز سلطان بن عبد العزيز لتنمية السمع والنطق في البحرين، مركز عبد العزيز بن باز للدراسات الإسلامية بجامعة ابن تيمية في الهند، المركز الإسلامي في اليابان، المجلس الأعلى للمساجد في ألمانيا، المؤسسة الثقافية في سويسرا، مركز سلطان لجراحة المناظير في كوسوفا (أول وأحدث مركز جراحي في منطقة البلقان)، المركز الإسلامي ومستشفى التأهيل في الولايات المتحدة الأمريكية).
مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية
مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية منظومة ضمن مدن الخير التي قدمها سموه رحمه الله حيث تقدم مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية الرعاية الصحية للمرضى داخل المدينة وخارجها في كافة الاحتياجات الطبية والتأهيلية بالإضافة إلى تقديم معلومات وبرامج تعليمية وتثقيفية للمريض لتعزيز إدراكه لوضعه وحالته الصحية وإيضاح الجوانب الأخرى للإستجابة للمواقف التي قد يتعرض ويحتاج إليها المرضى في حياتهم اليومية ويمتد كذلك لتعليم وتثقيف الوالدين والمربي والخادمة وجميع أفراد العائلة عندها سيكونون على تواصل مع المريض في بيئته المنزلية ويتم ذلك عن طريق فصول تعليمية وجلسات للأسرة مع المعالجين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والفريق الطبي وبرنامج الفحص ما قبل الزواج وجراحة استبدال المفاصل ومعالجة السكتة الدماغية وخدمات أخرى متفرقة تحت إشراف نخبة من الأطباء المختصين.
إنشاء كلية لذوي الإعاقة البصرية في المنطقة الشرقية
تعد هذه الكلية هي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط كونها تعنى بذوي الإعاقة البصرية وتمتد خدماتها لتشمل قاصديها من داخل المملكة وخارجها لتمكنهم من الحصول على فرص التعليم والتدريب التي تتماشى مع احتياجاتهم ومتطلبات الحياة وقد أتت هذه الكلية الرائدة بدعم من سموه حيث تبلغ تكلفتها ستين مليون ريال بهدف إعداد ذوي الإعاقة البصرية وتأهيلهم بما يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم والانخراط في المجتمع وتحقيق طموحاتهم وإعدادهم للدراسات الجامعية وتمكينهم من الدخول إلى سوق العمل وإكسابهم مهارات الحياة بما يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم ومنحهم الثقة ولم تأت هذه الكلية إلا لعلم سموه رحمه الله أن المكفوفين جزء من سواعد هذا البلد المعطاء وتقديراً من سموه لاحتياجاتهم وإدراكه أن كل مكفوف له الحق في العيش الكريم في بلده والذي يعتبر التعليم والتدريب جزء من تلك الحقوق.
ولم تقف مكرمات سموه عند حد العطاء والمساعدة بل تعداه للتشجيع وتنمية الشعور الديني حيث شجع حفظه الله على حفظ القرآن الكريم وتدارسه بين أبناء المملكة وأشقائهم في الدول الأخرى ودعمه اللامحدود لكل مقومات الرقي الإنساني:
مسابقة الأمير سلطان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية لدول جنوب شرق آسيا
تحظى هذه المسابقة بعناية ومتابعة الأمير سلطان حيث يقدم سموه الدعم لها على نفقته الخاصة ابتغاء ما عند الله من الأجر والمثوبة ولتشجيع أبناء دول جنوب شرق آسيا لتعلم القرآن الكريم وحفظه وقد احتلت المسابقة مكانة عالية بصفتها تعد جيلاً متسلحاً بالقرآن الكريم يحميه من التيارات الضالة والأفكار المنحرفة وما هذه المسابقة إلا دليل على اهتمام سموه وحرصه على أن ينشأ جيل تربى على القرآن واستقى من معينه في جو تنافسي شريف.
مركز الأمير سلطان للغة العربية بموسكو
على قمة أهداف المركز الذي أنشئ بتوأمة علمية مع جامعة الملك سعود تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها كون اللغة العربية لغة القرآن الكريم وركن أساس لفهم تعاليم الدين الإسلامي الصحيح وقد احتفل المركز هذا العام بتخريج أولى دفعاته في الوقت الذي كانت المملكة تسعد بعودة سمو ولي العهد من رحلته العلاجية الأولى محققاً المركز قفزة هائلة باستقباله في عامه الأول لـ 150 طالباً من طلاب مرحلة البكالوريوس والماجستير وما كان هذا ليكون لولا توفيق الله عز وجل ثم دعم سمو ولي العهد السخي للمركز والتي ستوفر عدداً من المترجمين في القطاعات المختلفة في روسيا الاتحادية.
قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز للتراث الإسلامي بالمملكة المتحدة
لأن سموه رحمه الله يدرك ما للتراث الإسلامي من أهمية بالغة في نقل الإسلام للدول الأخرى صدرت موافقته على تطوير متحف أشموليان وبناء قاعة للتراث الإسلامي حيث قد تبرع سموه بمبلغ مليوني جنيه أسترليني بهدف دعم تقارب الحضارات والتفاهم بين الشعوب فتمثل القاعة حجر الزاوية في المتحف لكونها تشتمل على مقتنيات من التراث الإسلامي وهي أعظم قاعة للمعروضات الإسلامية وأكبر قاعة في المتحف والأعلى ارتفاعاً وتحظى بعدد زوار من العامة والمختصين والباحثين والمهتمين بدراسة الفن الإسلامي فالقاعة خدمت المتحف باعتبارها قدمت علماً مطلوباً ينقصه الدعم والتهيئة حيث تقدم أفضل المقتنيات الإسلامية والتي يتجاوز عددها 4000 قطعة من فن التراث الإسلامي من المعدن والحجر والزجاج وأعمال أخرى على الورق والخشب والعاج ومجموعة كبيرة من السيراميك والزجاج المطلي والمصابيح المعلقة ومجموعة من الخزفيات ويعتبر المتحف القاعة مصدرا رئيسا للتعليم حيث ينظر المهتمون في المتحف إلى القطع الفنية الموجودة على أنها مصدر رئيسي للتدريس والبحث في الفنون الإسلامية حيث تستخدم هذه القطع في المحاضرات والحلقات الدراسية للطلاب كما تتيح هذه القطع الفرصة أمام الزوار لأن يتعلموا عن تاريخ وتطور ثقافات العالم الإسلامي.
لم ولن تقتصر أعمال سموه رحمه الله على ما سبق بل تتعداها لتصل لأبعد مدى حيث تمثل أعمال الأمير سلطان التي وجه سموه بتنفيذها أهمية بالغة لدى الدول التي أقيمت تلك المشروعات على أراضيها فمنها:
الجمعية الإسلامية بالبحرين، والجمعية الخيرية بالأردن، والجمعية البحرينية لتنمية الطفولة وروضة الأجيال بقطاع غزة بفلسطين، والمدرسة العربية للتربية الخاصة بالأردن، ومنظمة الدعوة الإسلامية بالفلبين، والمركز الصحي في كوسوفا، ومشروع الموسوعة عن قضية فلسطين باللغة الإنكليزية في الهيئة العربية العليا بفلسطين والمؤتمر العالمي للصم بأستراليا، وجمعية رعاية الأطفال المعوقين بسلطنة عمان، وجمعية أهل الحديث المركزية بالهند، والجناح الإسلامي بمعرض اكسبو 2000 بمدينة هانوفر بألمانيا، ومركز الدراسات العربية والإسلامية بجامعة كاليفورنيا بيركلي بالولايات المتحدة الأمريكية، ومركز الدراسات الإسلامية بجامعة بولونيا بإيطاليا، وبناء مركز رعاية الأطفال المعوقين بالبحرين، وتبرع سموه لبناء مركز لعلاج الأمراض السرطانية بمستشفى الحسن الثاني بأغادير بالمملكة المغربية وغيرها.
موقف أبكى كل من شاهده
عرض على شاشة التلفاز لقاء الأمير سلطان بن عبد العزيز بالطفل المعاق الذي وجه سموه بعلاجه وتقديم التسهيلات له وكيف أن سموه احتواه في حنو رائع وكيف أن الطفل عبر للعالم عبر الشاشة عن حبه للإنسان سلطان فالطفل لا يعترف بالمكانة ولا المنصب ومهما بلغت معرفته فمن الصعب أن يدرك الموقف الذي هو فيه كونه يقف أمام الرجل الثاني في المملكة وكم كانت أريحية سموه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته في التحاور مع الطفل وتبادله للحديث معه موقف كهذا يثبت للعالم أجمع أن سلطان حين يقف أمام احتياجات أبناء المملكة لا يقف موقف المتفرج ولا يقدم ما طلب منه أو أراد السائل فقط بل يزيده من خير الله الذي وهبه وهكذا هم الكرام أبناء الكرام.
ماذا قال أحد مرافقي سموه لـ(الجزيرة)
نشرت الجزيرة في عددها 13594 الصادر بتاريخ 30-12-1430هـ لقاء خاص مع مشاري بن بدر بن زريبان الذي رافق الأمير سلطان منذ عام 1390هـ معدداً بعضاً من صفاته مستذكراً شيئاً من كرمه فذكر موقفاً تتجسد فيه إنسانية سلطان الخير فقال: (كنت أصلي مع الأمير بمسجد الخالدية في جدة عام 1982م بعد أن فرغ الأمير من صلاته وقف الأمير على باب المسجد كأنه ينتظر أحداً بادر أحد رفاق الأمير بسؤاله عن سبب وقوفه في الشمس على باب المسجد فقال الأمير لقد رأيت شخصا كبيراً وطاعنا في السن بالمسجد وهو وجه غريب لم أشاهده من قبل فأحببت أن أنتظره لحظات حتى يفرغ من صلاته لعله قصدني في حاجة فأقضيها له فإن خرجت من المسجد قد تحجبني عنه المسؤوليات والمهام والمواعيد فلا يستطيع أن يراني فلا ضير أن أنتظر أحداً من المواطنين فالكثير منهم ينتظر حتى يراني بعد أن فرغ الرجل من صلاته خرج من المسجد فوجد الأمير في انتظاره على باب المسجد ليستقبله بابتسامته المعهودة على محياه التي تشعر الشخص المقابل له بتواضع الأمير وسعة الصدر وحسن إصغائه كما تحثه تلك الابتسامة بالاسترسال في الحديث بطلب الحاجة دون أن يشعر برهبة في مواجهة الأمير، بادر الأمير ليسأل الشيخ قبل أن يسأل حاجته وقضى جميع حوائجه وأحسن ضيافته).
اطمئنانه على رجال القوات المسلحة
لم تمنع مشاغل سموه رحمه الله وعودته من رحلته العلاجية أن يتتبع رجال الوطن الذين أسهموا في الدفاع عن أرض الوطن ضد الحوثيين فذهب إليهم وزارهم على السرر البيضاء بل وأصر أن يقبل رؤوسهم ويتفقد احتياجاتهم واحتياجات من كان معهم في حنو رائع ومشاهد إنسانية تثبت للعالم أن سلطان الخير يحمل هموم أبنائه وأن تتبعه لأمورهم قبل أن يكون واجباً هو خلق ديني تربى عليه من مؤسس هذا الكيان الملك عبد العزيز طيب الله ثراه.
سلطان الخير يكرم المرأة النيجيرية وقريتها
في موقف إنساني خالد شاهد الأمير سلطان بن عبد العزيز عرضاً أظهر امرأة نيجيرية مسنة تلملم شيئاً من قوت النمل لتسد جوعها آلم سموه المشهد وحرك نخوته وشهامته ـ كما هي عادة سموه ـ فأصدر أمره بتكون فريق كلّفه بالبحث عن هذه المرأة حتى تم الاهتداء إليها فأكرمها هي وأبناء قريتها فرحم الله سلطان الخير وألهم أبناء الأمة الإسلامية الصبر والسلوان لفقده.
إنسانية سلطان الخير
لا يشك شخص في قلب سلطان العامر بالحب لأبناء بلده وحبه للخير ومن يطلع على أعمال سموه الكريم يدرك يقيناً أنه يرحمه الله يحتل مكانة عالية في نفوس أبناء المملكة ونفوس من هم خارجها ممن نالهم من عطائه الذي لا يمكن أن يحصر في صفحات لما لسموه من يد ندية طولى يصعب أن يكتب عنها في صفحات ومكرمات سموه وحبه للخير وسباقه الدائم لتقديم المساعدات والهبات للمستحقين تحدث عنها الإعلام بكل وسائله داخل المملكة وخارجها فرجل كقامة سموه وهو يغادرنا للدار الآخرة لا نملك أمامه إلا أن نعزي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وسمو النائب الثاني والأسرة المالكة الكريمة والأمة الإسلامية في فقيد الوطن الذي برحيله سيشهد العالم فراغاً لا يكون ذلك إلا للرجال العظام.