مع كل ما تشهده المنطقة من تغيرات، وتطور في الفكر السياسي، وحتى السلوك السلطوي، إلا أن هناك بعض الأنظمة لا تزال أسيرة الفكر التقليدي الذي انتهجته عقوداً طويلة، معتمدة أسلوب الترهيب والإرهاب، ليس لمواطنيها فحسب، بل حتى للدول والأنظمة التي تحاول أن تصلح حالها.
إنه أسلوب مطابق لسلوك (البلطجية) - إن صح التعبير - مع ترفعنا لاستعمال هذا المصطلح، إلا أن سلوك تلك الأنظمة الشاذ يجعل المرء مضطر لاستعمال هذا المصطلح، الذي يتوافق معنى ولفظاً وتدنياً مع ممارسة هذه الأنظمة، التي تصر على البقاء خارج دوائر التطوير والتغير اللذين يهبان على المنطقة.
ماذا نفهم ويفهم العالم من التهديد بتحويل المنطقة إلى (أفغانستانات) إذا ما تدخل المجتمع الدولي لوقف المجازر اليومية التي يتعرض لها الشعب السوري؟
هل يقف العالم يتفرج على النظام السوري الذي حول جيشه إلى جلادين يمارسون القتل اليومي بحق شعب أعزل؟!
العرب يمنحون النظام مهلة أسبوعين للانخراط في حوار مع فئات الشعب الثائر، ووقف القتل، وإعادة الجيش لثكناته؛ فيرد النظام بقتل المزيد من المواطنين رافعاً من وتيرة القتل التي شهدت أيام المهلة أكبر عدد لها.. ماذا يعني هذا؟
إنه إفشال للتحرك العربي، وهو ما يضع باقي الحلفاء (الروس والصينيون) في وضع محرج، ومحرج جداً، ويحيِّد المعارضين لإصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يُفعِّل التدخل الدولي لوقف ذبح الشعب السوري؛ فالهند وجنوب إفريقيا والبرازيل، وحتى روسيا والصين، لن تقف طويلاً ضد رغبة الشعب السوري في توفير الحماية الدولية لهم، خاصة إذا ما أيدت جامعة الدول العربية ذلك، وبهذا يكون النظام السوري وحده من يتحمل مسؤولية استدعاء القوة الدولية للتدخل في الشأن السوري، وعندها لا أحد يفرق بين نوعية وجنسية تلك القوة، سواء كانت غربية أو عربية أو حتى تركية.