يوم السبت الرابع والعشرون من ذي القعدة 1432هـ لم يكن يوماً عادياً في حياة ونفوس الشعب السعودي.. ولم يكن يوماً بهيجاً وسعيداً لكل السعوديين.. بل كان يوماً «مشؤوماً» محملاً بأخبار الحزن والأسى.. ومشاعر الألم والفراق على فقد حبيب أحبه الملايين من أبناء الشعب السعودي.. وفقده أبناء الخليج العربي والأمتين الإسلامية والعربية والعالم الخارجي أجمع!
كانت الساعات الأولى من صباح يوم السبت محزنة.. ومبكية.. وهي تنقل لنا نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الذي عرف واشتهر بلقب «سلطان الخير» لحبه لأعمال الخير في كافة المجالات وفي كل المناطق والدول القريبة والبعيدة.. إذ كان باذلاً للخير بسخاء.. فهو من كان يسأل عن المحتاجين والأرامل والأيتام والمرضى ويوجه بمساعدتهم عاجلاً.. ولا يتوقف عند ذلك فقط, بل يتابعهم ويتفقد أحوالهم.. وهو أيضاً كما قيل عنه أنه (جمعية خيرية متنقلة) أينما حل, نزل الخير في المكان الذي يحل فيه!
وكان «سلطان الخير» يرحمه الله قائداً محنكاً.. ومتحدثاً بارعاً.. ومتبرعاً سخياً.. ورجلاً سياسياً.. وعضداً أميناً لأخيه خادم الحرمين الشريفين.. ونحن نذكر ونشيد بأعماله الجليلة في بذل الخير والعطاء.. فإننا لا ننسى أيضاً جهوده الجبارة والعظيمة في حل وإنهاء مشكلة الحدود بين المملكة العربية السعودية والدولتين الشقيقتين اليمن وقطر حينما كلف بملف هاتين القضيتين الشائكتين واستطاع بسياسته وذكائه أن ينهيهما بطرق سلمية وأخوية دون تعريض المملكة وأمنها لأية مشاكل مع جيرانها وهذا دليلٌ على سياسته الفريدة!
إن رحيل سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله يعد خسارة فادحة ليس للمملكة فحسب, بل لجميع الدول الخليجية والعربية والأجنبية.. ولم تكن الفاجعة هي فاجعة (آل سعود) فقط, بل هي فاجعة الشعب السعودي بأكمله.. وأبناء الشعوب الصديقة.. ونحن قبل أن نعزي ولاة أمرنا وأبناء الفقيد, فإننا نعزي أنفسنا بفقد صاحب الابتسامة الصادقة.. فالمصيبة عظيمة.. والمصاب جلل!
لقد مات «سلطان الخير» وفارق جسمه هذه الحياة الفانية.. ولكن مازال ذكره حياً لم يمت.. وسيخلد التاريخ ذكره وإنجازاته بمدادٍ من ذهب.. وقد حزنت وتألمت كثيراً كما حزن وتألم الملايين لفراق هذا الأمير الإنسان.. والأب الروحي لكل مواطن سعودي وغير مواطن من أبناء الدول الأخرى.. ولكن لا نملك إلا الدعاء له بالرحمة والمغفرة وأن ينزله أعلى منازل الجنة.. وأن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود واخوانه.. وأن يديم على مملكتنا الحبيبة نعمة الأمن والاستقرار.
تربة حائل